هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ، اختلف في مرجع الضمير الذي هو لفظ هو من قوله قوله تعالى : هو سماكم [ 22 \ 78 ] فقال بعضهم : الله هو الذي سماكم المسلمين من قبل في هذا ، وهذا القول مروي عن ، وبه قال ابن عباس مجاهد وعطاء ، والضحاك ، ، ومقاتل بن حيان وقتادة ، كما نقله عنهم ابن كثير ، وقال بعضهم هو أي : إبراهيم سماكم المسلمين ، واستدل لهذا بقول إبراهيم وإسماعيل ومن ذريتنا أمة مسلمة لك [ 2 \ 128 ] وبهذا قال ، كما نقله عنه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ابن كثير .
وقد قدمنا أن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولا وتكون في الآية قرينة تدل على عدم صحة ذلك القول ، وجئنا بأمثلة كثيرة في الترجمة ، وفيما مضى من الكتاب ، وفي هذه الآيات قرينتان تدلان على أن قول غير صواب . عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
إحداهما : أن الله قال هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ، أي : القرآن ، ومعلوم أن إبراهيم لم يسمهم المسلمين في القرآن ، لنزوله بعد وفاته بأزمان طويلة كما نبه على هذا . ابن جرير
القرينة الثانية : أن الأفعال كلها في السياق المذكور راجعة إلى الله ، لا إلى إبراهيم فقوله هو اجتباكم ، أي : الله وما جعل عليكم في الدين من حرج ، أي : الله هو سماكم المسلمين أي : الله .
فإن قيل : الضمير يرجع إلى أقرب مذكور ، وأقرب مذكور للضمير المذكور : هو إبراهيم .
فالجواب : أن محل رجوع الضمير إلى أقرب مذكور محله ما لم يصرف عنه صارف ، وهنا قد صرف عنه صارف ; لأن قوله " وفي هذا " يعني القرآن ، دليل على أن [ ص: 303 ] المراد بالذي سماهم المسلمين فيه : هو الله لا إبراهيم ، وكذلك سياق الجمل المذكورة قبله نحو هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج [ 22 \ 78 ] يناسبه أن يكون هو سماكم أي : الله ، المسلمين .
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير الآية بعد أن ذكر : أن الذي سماهم المسلمين من قبل وفي هذا : هو الله ، لا إبراهيم ما نصه :
قلت : وهذا هو الصواب ; لأنه تعالى قال : هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ثم حثهم وأغراهم على ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأنه ملة إبراهيم أبيهم الخليل ، ثم ذكر منته تعالى على هذه الأمة بما نوه به من ذكرها ، والثناء عليها في سالف الدهر ، وقديم الزمان في كتاب الأنبياء ، تتلى على الأحبار والرهبان فقال : هو سماكم المسلمين من قبل أي : من قبل هذا القرآن .
وفي هذا روى عند تفسير هذه الآية : أنبأنا النسائي ، حدثنا هشام بن عمار ، أنبأنا محمد بن شعيب أن أخاه معاوية بن سلام زيد بن سلام ، أخبره عن أبي سلام أنه أخبره قال : أخبرني الحارث الأشعري ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وقد قدمنا هذا الحديث بطوله عند تفسير قوله : " من دعا بدعوى الجاهلية فإنه من جثي جهنم " ، قال رجل : يا رسول الله ، وإن صام وإن صلى ؟ قال : " نعم وإن صام وإن صلى ، فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين عباد الله " ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون [ 2 \ 21 ] اهـ من تفسير ابن كثير .
وقال ابن كثير في تفسير سورة البقرة : إن الحديث المذكور فيه أن الله هو الذي سماهم المسلمين المؤمنين .