قوله تعالى : لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين .
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة ، أن الكفار المنكرين للبعث قالوا : إنهم وعدوا بالبعث ، ووعد به آباؤهم من قبلهم ، والظاهر أنهم يعنون أجدادهم ، الذين جاءتهم الرسل ، وأخبرتهم بأنهم يبعثون بعد الموت للحساب والجزاء ، وقالوا : إن البعث الذي وعدوا به [ ص: 349 ] هم وآباؤهم كذب لا حقيقة له ، وأنه ما هو إلا أساطير الأولين أي : ما سطروه وكتبوه من الأباطيل والترهات ، والأساطير : جمع أسطورة ، وقيل : جمع أسطارة ، وهذا الذي ذكره عنهم من إنكارهم البعث ذكر مثله في سورة النمل في قوله : وقال الذين كفروا أئذا كنا ترابا وآباؤنا أئنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من قبل إن هذا إلا أساطير الأولين [ 27 \ 67 - 68 ] ، ثم إنه تعالى أقام البرهان على البعث ، الذي أنكروه في هذه الآية بقوله : قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون إلى قوله : فأنى تسحرون [ 23 \ 84 - 89 ] ; لأن من له الأرض ، ومن فيها ، ومن هو رب السماوات السبع ، ورب العرش العظيم ، ومن بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، لا شك أنه قادر على بعث الناس بعد الموت ، كما أوضحنا فيما مر البراهين القرآنية القطعية ، الدالة على ذلك .