قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28995_32286_23468ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم
نزلت هذه الآية الكريمة في
أبي بكر - رضي الله عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=7927ومسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب ، وكان
مسطح المذكور من
المهاجرين وهو فقير ، وكانت أمه ابنة خالة
أبي بكر - رضي الله عنه - وكان
أبو بكر ينفق عليه لفقره وقرابته وهجرته ، وكان ممن تكلم في أم المؤمنين
عائشة - رضي الله عنها - بالإفك المذكور في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم الآية [ 24 \ 11 ] ، وهو ما رموها به من أنها فجرت مع
nindex.php?page=showalam&ids=4262صفوان بن المعطل السلمي - رضي الله عنه - .
[ ص: 486 ] وقصة الإفك معروفة مشهورة ثابتة في عشر آيات من هذه السورة الكريمة ، وفي الأحاديث الصحاح ، فلما نزلت براءة
عائشة - رضي الله عنها - في الآيات المذكورة ، حلف
أبو بكر ألا ينفق على
مسطح ، ولا ينفعه بنافعة بعد ما رمى
عائشة بالإفك ظلما وافتراء ، فأنزل الله في ذلك :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله الآية ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أي : لا يحلف ، فقوله : " يأتل " وزنه يفتعل من الألية وهي اليمين ، تقول العرب آلى يؤلي وائتلى يأتلي إذا حلف ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226للذين يؤلون من نسائهم [ 2 \ 226 ] ، أي : يحلفون مضارع آلى يؤلي إذا حلف ، ومنه قول
امرئ القيس :
ويوما على ظهر الكثيب تعذرت علي وآلت حلفة لم تحلل
أي حلفت حلفة ، وقول
عاتكة بنت زيد العدوية ترثي زوجها
nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر - رضي الله عنهم - :
فآليت لا تنفك عيني حزينة عليك ولا ينفك جلدي أغبرا
والألية اليمين ، ومنه قول الآخر يمدح عمر بن عبد العزيز :
قليل الألايا حافظ ليمينه وإن سبقت منه الألية برت
أي : لا يحلف أصحاب الفضل والسعة ، أي : الغنى
كأبي بكر - رضي الله عنه - أن يؤتوا أولي القربى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله
nindex.php?page=showalam&ids=7927كمسطح بن أثاثة ، وقوله : أن يؤتوا ، أي : لا يحلفوا عن أن يؤتوا ، أو لا يحلفوا ألا يؤتوا وحذف حرف الجر قبل المصدر المنسبك من أن وصلتهما مطرد . وكذلك حذف لا النافية قبل المضارع بعد القسم ، ولا يؤثر في ذلك هنا كون القسم منهيا عنه ، ومفعول يؤتوا الثاني محذوف ، أي : أن يؤتوا أولي القربى النفقة والإحسان ، كما فعل
أبو بكر - رضي الله عنه - .
وقال بعض أهل العلم : قوله : ولا يأتل ، أي : لا يقصر أصحاب الفضل ، والسعة
كأبي بكر في إيتاء أولى القربى
كمسطح ، وعلى هذا فقوله يأتل يفتعل من ألا يألو في الأمر إذا قصر فيه وأبطأ .
ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا [ ص: 487 ] [ 3 \ 118 ] ، أي لا : يقصرون في مضرتكم ، ومنه بهذا المعنى قول
الجعدي :
وأشمط عريانا يشد كتافه يلام على جهد القتال وما ائتلا
وقول الآخر :
وإن كنائني لنساء صدق فما آلى بني ولا أساءوا
فقوله : فما آلى بني : يعني ما قصروا ، ولا أبطئوا والأول هو الأصح ، لأن حلف
أبي بكر ألا ينفع
مسطحا بنافعة ، ونزول الآية الكريمة في ذلك الحلف معروف . وهذا الذي تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي عن
nindex.php?page=treesubj&link=24901الحلف عن فعل البر من إيتاء أولى القربى والمساكين
والمهاجرين ، جاء أيضا في غير هذا الموضع كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس [ 2 \ 224 ] ، أي : لا تحلفوا بالله عن فعل الخير ، فإذا قيل لكم : اتقوا وبروا ، وأصلحوا بين الناس قلتم : حلفنا بالله لا نفعل ذلك ، فتجعلوا الحلف بالله سببا للامتناع من فعل الخير على الأصح في تفسير الآية .
وقد قدمنا دلالة هاتين الآيتين على المعنى المذكور ، وذكرنا ما يوضحه من الأحاديث الصحيحة في سورة المائدة في الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان [ 6 \ 89 ] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وليعفوا وليصفحوا فيه الأمر من الله للمؤمنين إذا أساء إليهم بعض إخوانهم المسلمين أن يعفوا عن إساءتهم ويصفحوا وأصل العفو : من عفت الريح الأثر إذا طمسته .
والمعنى : فليطمسوا آثار الإساءة بحلمهم وتجاوزهم ، والصفح : قال بعض أهل العلم مشتق من صفحة العنق ، أي : أعرضوا عن مكافأة إساءتهم حتى كأنكم تولونها بصفحة العنق ، معرضين عنها . وما تضمنته هذه الآية من العفو والصفح جاء مبينا في مواضع أخر كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين [ 3 \ 133 - 134 ] وقد دلت هذه الآية على أن كظم الغيط والعفو عن الناس من صفات أهل الجنة ، وكفى بذلك حثا على ذلك ، ودلت أيضا : على أن ذلك من الإحسان الذي يحب الله المتصفين به ، وكقوله تعالى
[ ص: 488 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=149إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا [ 4 \ 149 ] وقد بين تعالى في هذا الآية أن العفو مع القدرة من صفاته تعالى ، وكفى بذلك حثا عليه ، وكقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85فاصفح الصفح الجميل [ 15 \ 85 ] وكقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=43ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [ 42 \ 43 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ألا تحبون أن يغفر الله لكم دليل على أن العفو والصفح على المسيء المسلم من موجبات غفران الذنوب ، والجزاء من جنس العمل ، ولذا لما نزلت قال
أبو بكر : بلى والله نحب أن يغفر لنا ربنا ، ورجع للإنفاق في
مسطح ، ومفعول " أن يغفر الله " محذوف للعلم به : أي يغفر لكم ذنوبكم .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22أولي القربى أي : أصحاب القرابة ، ولفظة أولى اسم جمع لا واحد له من لفظه يعرب إعراب الجمع المذكر السالم .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22nindex.php?page=treesubj&link=28995_32286_23468وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِي
أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=7927وَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ بْنِ عَبَّادِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَ
مِسْطَحٌ الْمَذْكُورُ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَهُوَ فَقِيرٌ ، وَكَانَتْ أُمُّهُ ابْنَةَ خَالَةِ
أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكَانَ
أَبُو بَكْرٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ لِفَقْرِهِ وَقَرَابَتِهِ وَهِجْرَتِهِ ، وَكَانَ مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِالْإِفْكِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=11إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ الْآيَةَ [ 24 \ 11 ] ، وَهُوَ مَا رَمَوْهَا بِهِ مِنْ أَنَّهَا فَجَرَتْ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=4262صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
[ ص: 486 ] وَقِصَّةُ الْإِفْكِ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ ثَابِتَةٌ فِي عَشْرِ آيَاتٍ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ ، وَفِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ ، فَلَمَّا نَزَلَتْ بَرَاءَةُ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ ، حَلَفَ
أَبُو بَكْرٍ أَلَّا يُنْفِقَ عَلَى
مِسْطَحٍ ، وَلَا يَنْفَعَهُ بِنَافِعَةٍ بَعْدَ مَا رَمَى
عَائِشَةَ بِالْإِفْكِ ظُلْمًا وَافْتِرَاءً ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ ، وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَيْ : لَا يَحْلِفْ ، فَقَوْلُهُ : " يَأْتَلِ " وَزْنُهُ يَفْتَعِلُ مِنَ الْأَلِيَّةِ وَهِيَ الْيَمِينُ ، تَقُولُ الْعَرَبُ آلَى يُؤْلِي وَائْتَلَى يَأْتَلِي إِذَا حَلَفَ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=226لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ [ 2 \ 226 ] ، أَيْ : يَحْلِفُونَ مُضَارِعُ آلَى يُؤْلِي إِذَا حَلَفَ ، وَمِنْهُ قَوْلُ
امْرِئِ الْقَيْسِ :
وَيَوْمًا عَلَى ظَهْرِ الْكَثِيبِ تَعَذَّرَتْ عَلَيَّ وَآلَتْ حَلْفَةً لَمْ تَحَلَّلْ
أَيْ حَلَفَتْ حَلْفَةً ، وَقَوْلُ
عَاتِكَةَ بِنْتِ زَيْدٍ الْعَدَوِيَّةِ تَرْثِي زَوْجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=16397عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - :
فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي حَزِينَةً عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِيَ أَغْبَرَا
وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْآخَرِ يَمْدَحُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ :
قَلِيلُ الْأَلَايَا حَافِظٌ لِيَمِينِهِ وَإِنْ سَبَقَتْ مِنْهُ الْأَلِيَّةُ بَرَّتِ
أَيْ : لَا يَحْلِفُ أَصْحَابُ الْفَضْلِ وَالسِّعَةِ ، أَيِ : الْغِنَى
كَأَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ
وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=7927كَمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، وَقَوْلُهُ : أَنْ يُؤْتُوا ، أَيْ : لَا يَحْلِفُوا عَنْ أَنْ يُؤْتُوا ، أَوْ لَا يَحْلِفُوا أَلَّا يُؤْتُوا وَحَذْفُ حَرْفِ الْجَرِّ قَبْلَ الْمَصْدَرِ الْمُنْسَبِكِ مِنْ أَنْ وَصْلَتِهِمَا مُطَّرِدٌ . وَكَذَلِكَ حَذْفُ لَا النَّافِيَةِ قَبْلَ الْمُضَارِعِ بَعْدَ الْقَسَمِ ، وَلَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ هُنَا كَوْنُ الْقَسَمِ مَنْهِيًّا عَنْهُ ، وَمَفْعُولُ يُؤْتُوا الثَّانِي مَحْذُوفٌ ، أَيْ : أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى النَّفَقَةَ وَالْإِحْسَانَ ، كَمَا فَعَلَ
أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - .
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : قَوْلُهُ : وَلَا يَأْتِلِ ، أَيْ : لَا يُقَصِّرُ أَصْحَابُ الْفَضْلِ ، وَالسِّعَةِ
كَأَبِي بَكْرٍ فِي إِيتَاءِ أُولَى الْقُرْبَى
كَمِسْطَحٍ ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ يَأْتَلِ يَفْتَعِلُ مِنْ أَلَا يَأْلُو فِي الْأَمْرِ إِذَا قَصَّرَ فِيهِ وَأَبْطَأَ .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا [ ص: 487 ] [ 3 \ 118 ] ، أَيْ لَا : يُقَصِّرُونَ فِي مَضَرَّتِكُمْ ، وَمِنْهُ بِهَذَا الْمَعْنَى قَوْلُ
الْجَعْدِيِّ :
وَأَشْمَطَ عُرْيَانًا يَشُدُّ كِتَافَهُ يُلَامُ عَلَى جَهْدِ الْقِتَالِ وَمَا ائْتَلَا
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَإِنَّ كَنَائِنِي لَنِسَاءُ صِدْقٍ فَمَا آلَى بَنِيَّ وَلَا أَسَاءُوا
فَقَوْلُهُ : فَمَا آلَى بَنِيَّ : يَعْنِي مَا قَصَّرُوا ، وَلَا أَبَطئُوا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ ، لِأَنَّ حَلِفَ
أَبِي بَكْرٍ أَلَّا يَنْفَعَ
مِسْطَحًا بِنَافِعَةٍ ، وَنُزُولَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي ذَلِكَ الْحَلِفِ مَعْرُوفٌ . وَهَذَا الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنَ النَّهْيِ عَنِ
nindex.php?page=treesubj&link=24901الْحَلِفِ عَنْ فِعْلِ الْبِرِّ مِنْ إِيتَاءِ أُولَى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينِ
وَالْمُهَاجِرِينَ ، جَاءَ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ [ 2 \ 224 ] ، أَيْ : لَا تَحْلِفُوا بِاللَّهِ عَنْ فِعْلِ الْخَيْرِ ، فَإِذَا قِيلَ لَكُمُ : اتَّقُوا وَبَرُّوا ، وَأَصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ قُلْتُمْ : حَلَفْنَا بِاللَّهِ لَا نَفْعَلُ ذَلِكَ ، فَتَجْعَلُوا الْحَلِفَ بِاللَّهِ سَبَبًا لِلِامْتِنَاعِ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ عَلَى الْأَصَحِّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ .
وَقَدْ قَدَّمْنَا دَلَالَةَ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَذْكُورِ ، وَذَكَرْنَا مَا يُوَضِّحُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ [ 6 \ 89 ] .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا فِيهِ الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذَا أَسَاءَ إِلَيْهِمْ بَعْضُ إِخْوَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْفُوا عَنْ إِسَاءَتِهِمْ وَيَصْفَحُوا وَأَصْلُ الْعَفْوِ : مِنْ عَفَتِ الرِّيحُ الْأَثَرَ إِذَا طَمَسَتْهُ .
وَالْمَعْنَى : فَلْيَطْمِسُوا آثَارَ الْإِسَاءَةِ بِحِلْمِهِمْ وَتَجَاوُزِهِمْ ، وَالصَّفْحُ : قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مُشْتَقٌّ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ ، أَيْ : أَعْرِضُوا عَنْ مُكَافَأَةِ إِسَاءَتِهِمْ حَتَّى كَأَنَّكُمْ تَوَلَّوْنَهَا بِصَفْحَةِ الْعُنُقِ ، مُعْرِضِينَ عَنْهَا . وَمَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْعَفْوِ وَالصَّفْحِ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=134الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [ 3 \ 133 - 134 ] وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ كَظْمَ الْغَيْطِ وَالْعَفْوَ عَنِ النَّاسِ مِنْ صِفَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَكَفَى بِذَلِكَ حَثًّا عَلَى ذَلِكَ ، وَدَلَّتْ أَيْضًا : عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْإِحْسَانِ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ الْمُتَّصِفِينَ بِهِ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى
[ ص: 488 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=149إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا [ 4 \ 149 ] وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى فِي هَذَا الْآيَةِ أَنَّ الْعَفْوَ مَعَ الْقُدْرَةِ مِنْ صِفَاتِهِ تَعَالَى ، وَكَفَى بِذَلِكَ حَثًّا عَلَيْهِ ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=85فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ [ 15 \ 85 ] وَكَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=43وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [ 42 \ 43 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَفْوَ وَالصَّفْحَ عَلَى الْمُسِيءِ الْمُسْلِمِ مِنْ مُوجِبَاتِ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ ، وَالْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ ، وَلِذَا لَمَّا نَزَلَتْ قَالَ
أَبُو بَكْرٍ : بَلَى وَاللَّهِ نُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا ، وَرَجَعَ لِلْإِنْفَاقِ فِي
مِسْطَحٍ ، وَمَفْعُولُ " أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ " مَحْذُوفٌ لِلْعِلْمِ بِهِ : أَيْ يَغْفِرُ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22أُولِي الْقُرْبَى أَيْ : أَصْحَابُ الْقَرَابَةِ ، وَلَفْظَةُ أُولَى اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ يُعْرَبُ إِعْرَابَ الْجَمْعِ الْمُذَكَّرِ السَّالِمِ .