المسألة الثالثة : اعلم أن المستأذن إذا قال له رب المنزل : من أنت  ، فلا يجوز له أن يقول له : أنا بل يفصح باسمه وكنيته إن كان مشهورا به ; لأن لفظة أنا يعبر بها كل أحد عن نفسه فلا تحصل بها معرفة المستأذن ، وقد ثبت معنى هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوتا لا مطعن فيه . 
قال  البخاري    - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا  أبو الوليد هشام بن عبد الملك  ، حدثنا شعبة  ، عن  محمد بن المنكدر  ، قال : سمعت جابرا    - رضي الله عنه - يقول   " : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين كان على أبي ، فدققت الباب ، فقال من ذا ؟ فقلت : أنا ، فقال : " أنا أنا " ، كأنه كرهها " انتهى منه ، وتكريره - صلى الله عليه وسلم - لفظة أنا دليل على أنه لم يرضها من جابر    ; لأنها لا يعرف بها المستأذن فهي جواب له - صلى الله عليه وسلم - بما لا يطابق سؤاله ، وظاهر الحديث أن جواب   [ ص: 500 ] المستأذن بأنا ، لا يجوز لكراهة النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك وعدم رضاه به خلافا لمن قال : إنه مكروه كراهة تنزيه ، وهو قول الجمهور . 
وقال  مسلم بن الحجاج    - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا  محمد بن عبد الله بن نمير  ، حدثنا  عبد الله بن إدريس  ، عن شعبة  عن  محمد بن المنكدر  ، عن  جابر بن عبد الله    - رضي الله عنهما - قال   " : أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعوت ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : من هذا ؟ قلت أنا فخرج وهو يقول : أنا أنا "   . 
حدثنا يحيى بن يحيى  ،  وأبو بكر بن أبي شيبة  ، واللفظ لأبي بكر  قال : قال يحيى    : أخبرنا ، وقال أبو بكر    : حدثنا  وكيع  عن شعبة  ، عن  محمد بن المنكدر  ، عن  جابر بن عبد الله  قال   " : استأذنت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنا أنا "   . 
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم  ، حدثنا  النضر بن شميل  ،  وأبو عامر العقدي    " ح " وحدثنا  محمد بن المثنى  ، حدثني  وهب بن جرير    " ح " وحدثني عبد الرحمن بن بشر  ، حدثنا بهز كلهم  عن شعبة  بهذا الإسناد ، وفي حديثهم كأنه كره ذلك انتهى منه . وقول جابر  ، كأنه كره ذلك فيه أنه لا يخفى من تكريره - صلى الله عليه وسلم - لفظة أنا أنه كره ذلك ولم يرضه ، وحديث جابر  هذا أخرجه غير الشيخين من باقي الجماعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					