بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الزمر
[ ص: 351 ] قوله تعالى : تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم . قد دل استقراء القرآن العظيم ، على أن الله جل وعلا ، إذا ذكر تنزيله لكتابه ، أتبع ذلك ببعض أسمائه الحسنى ، المتضمنة صفاته العليا .
ففي أول هذه السورة الكريمة ، لما ذكر تنزيله كتابه ، بين أن مبدأ تنزيله كائن منه جل وعلا ، وذكر اسمه الله ، واسمه العزيز ، والحكيم ، وذكر مثل ذلك في أول سورة الجاثية ، في قوله تعالى : حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم إن في السماوات والأرض لآيات للمؤمنين [ 45 \ 1 - 3 ] ، وفي أول سورة الأحقاف في قوله تعالى : حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق الآية [ 46 \ 1 - 3 ] .
وقد تكرر كثيرا في القرآن ، ذكره بعض أسمائه وصفاته ، بعد ذكر تنزيل القرآن العظيم ، كقوله في أول سورة حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير [ 40 \ 1 - 3 ] وقوله تعالى في أول فصلت : حم تنزيل من الرحمن الرحيم [ 41 \ 1 - 2 ] . وقوله تعالى في أول هود : الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير [ 11 \ 1 ] وقوله في فصلت : وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد [ 41 \ 41 - 42 ] وقوله تعالى في صدر يس تنزيل العزيز الرحيم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم [ 36 \ 5 - 6 ] وقوله تعالى : وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين الآية [ 26 \ 192 - 193 ] . وقوله تعالى : تنزيل من رب العالمين ولو تقول علينا بعض الأقاويل الآية [ 69 \ 43 - 44 ] .
ولا يخفى أن ذكره جل وعلا هذه الأسماء الحسنى العظيمة ، بعد ذكره تنزيل هذا القرآن العظيم ، يدل بإيضاح ، على عظمة القرآن العظيم ، وجلالة شأنه وأهمية نزوله ، [ ص: 352 ] والعلم عند الله تعالى .