خلاصة سورة الأنفال
( أي ما فيها من الأصول الاعتقادية ، والسنن الاجتماعية ، وقواعد الشرع العملية ، من سياسية وحربية ، ونجمل ذلك في سبعة أبواب قد يدخل بعض أصولها ومسائلها في بعض فيذكر في كل باب بما يناسبه )
مقدمة للتنبيه والتذكير
ينبغي أن يتذكر القارئ أن والجزاء وغيرهما من عالم الغيب وقصص الرسل مع أقوامهم . ويلي ذلك فيها أصول التشريع الإجمالية العامة ، والآداب والفضائل الثابتة ، كما بيناه في خلاصة كل من سورتي الأنعام ، والأعراف ، ويتخلل هذا وذاك محاجة المشركين ودعوتهم إلى الإيمان بتلك الأصول ودحض شبهاتهم ، وإبطال ضلالتهم ، وتشويه خرافاتهم . جل السور المكية في أصول الإيمان الاعتقادية من الإلهيات والوحي والرسالة والبعث
وأما السور المدنية فتكثر فيها قواعد الشرع التفصيلية ، وأحكام الفروع العملية ، بدلا [ ص: 106 ] من أصول العقائد الإيمانية ، وقواعد التشريع العامة المجملة ، كما تكثر في بعضها محاجة أهل الكتاب ، وبيان ما ضلوا فيه عن هداية كتبهم ورسلهم ، ودعوتهم إلى الإيمان بخاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين - وفي بعضها بيان ضلالة المنافقين ومفاسدهم كما يرى القارئ للسور المدنية الطوال الأربع المتقدمة ، وكل من هذا وذاك يقابل ما في السور المكية من بيان بطلان الشرك وغواية أهله .
في سورة البقرة تكثر محاجة اليهود ، وفي سورة آل عمران تكثر محاجة النصارى ، وفي سورة المائدة تكثر محاجة الفريقين ، وفي سورة النساء تكثر الأحكام المتعلقة بالمنافقين ، ويليها في فضائح المنافقين سورة التوبة الآتية . وتكثر في هذه السور الثلاث أحكام القتال ، كما تكثر في هذه السورة ( سورة الأنفال ) .