المسألة الثانية في : حال أولي الأمر بعد الراشدين
بنو أمية هم الذين زعزعوا بناء السلطة الإسلامية على أساس الشورى ; إذ كونوا لأنفسهم عصبية هدموا بها سلطة أولي الأمر من سائر المسلمين بالحيلة والقوة وحصروها في أنفسهم ، فكان الأمير مقيدا بسلطة قومه لا بسلطة أولي الأمر من جميع المسلمين ، فخرجوا عن هداية الآية شيئا فشيئا ، ثم جاء العباسيون بعصبية الأعاجم من الفرس فالترك ، ثم كان من أمر التغلب بين ملوك الطوائف بعصبياتهم ما كان ، فلم تكن الحكومة الإسلامية مبنية على أساسها من طاعة الله ورسوله وأولي الأمر ، بل جعلت أولي الأمر كالعدم في أمر السلطة العامة ، وكان تحري طاعة الله ورسوله بالعدل ورد الأمانات إلى أهلها يختلف باختلاف درجات الأمراء والحكام في العلم والدين ، فكانت أحكام كأحكام الخلفاء الراشدين في العدل ، ولكنه لم يستطع أن يرد أمانة الإمامة الكبرى إلى أهلها ؛ لأن عصبية قومه كانت محتكرة لها حبا في السلطة والرياسة ، ثم كانت سلطة الملوك عمر بن عبد العزيز العثمانيين بعصبيتهم القومية ، وقوة جيوشهم المعروفة بالإنكشارية ، ولم يكن هؤلاء من أولي الأمر ، أصحاب الفقه والرأي ، الذين هم في المسلمين أهل الحل والعقد ، بل كانوا أخلاطا من المسلمين والكافرين يأخذهم السلاطين ويربونهم تربية حربية ، ثم كونوا جندا إسلاميا ، ثم جندا مختلطا .