فصل
حكى الشيخ أبو حيان عن بعض من عاصره أن طالب علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تركيبه ، بالإسناد إلى مجاهد وطاوس وعكرمة وأضرابهم ، وأن فهم الآيات يتوقف على ذلك ، ثم بالغ الشيخ في رده لأثر علي السابق .
والحق أن علم كسبب النزول ، والنسخ ، وتعيين المبهم ، وتبيين المجمل . ومنه ما لا يتوقف ، ويكفي في تحصيله التفقه على الوجه المعتبر . التفسير ، منه ما يتوقف على النقل ،
وكأن السبب في اصطلاح بعضهم على التمييز بين المنقول والمستنبط ، ليحمل على الاعتماد في المنقول ، وعلى النظر في المستنبط ، تجويزا له وازديادا ، وهذا من الفروع في الدين . التفرقة بين التفسير والتأويل
تنخيل لما سبق
واعلم أن ، وقسم لم يرد . والأول ثلاثة أنواع : إما أن يرد القرآن قسمان : أحدهما ورد تفسيره بالنقل عمن يعتبر تفسيره - صلى الله عليه وسلم - أو عن التفسير عن النبي أو عن رؤوس الصحابة ؛ فالأول يبحث فيه عن صحة السند ، والثاني ينظر في تفسير الصحابي ، فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم ، وإن فسره بما شاهده من الأسباب [ ص: 313 ] والقرائن فلا شك فيه ؛ وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة ، فإن أمكن الجمع فذاك ، وإن تعذر قدم التابعين لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بشره بذلك حيث قال : ابن عباس ؛ ، وقد رجح اللهم علمه التأويل قول الشافعي زيد في الفرائض ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : أفرضكم زيد . فإن تعذر الجمع جاز للمقلد أن يأخذ بأيها شاء ، وأما الثالث وهم رؤوس التابعين إذا لم يرفعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا إلى أحد من الصحابة - رضي الله عنهم - فحيث جاز التقليد فيما سبق ، فكذا هنا ، وإلا وجب الاجتهاد .
الثاني : ما لم يرد فيه نقل عن المفسرين ، وهو قليل ، وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها واستعمالها بحسب السياق ، وهذا يعتني به الراغب كثيرا في كتاب " المفردات " فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ ؛ لأنه اقتنصه من السياق .