فصل  
الذي يجب على المفسر البداءة به   العلوم اللفظية ، وأول ما يجب البداءة به منها ، تحقيق الألفاظ المفردة ، فتحصيل معاني المفردات من ألفاظ القرآن من أوائل المعادن لمن      [ ص: 314 ] يريد أن يدرك معانيه ؛ وهو كتحصيل اللبن من أوائل المعادن في بناء ما يريد أن يبنيه .  
قالوا : وليس ذلك في علم القرآن فقط ؛ بل هو نافع في كل علم من علوم الشرع وغيره وهو كما قالوا : إن المركب لا يعلم إلا بعد العلم بمفرداته ؛ لأن الجزء سابق على الكل في الوجود من الذهني والخارجي ، فنقول : النظر في  التفسير هو بحسب أفراد الألفاظ وتراكيبها      .  
وأما بحسب الأفراد فمن وجوه ثلاثة :  
من جهة المعاني التي وضعت الألفاظ المفردة بإزائها ، وهو يتعلق بعلم اللغة . ومن جهة الهيئات والصيغ الواردة على المفردات الدالة على المعاني المختلفة ، وهو من علم التصريف .  
ومن جهة رد الفروع المأخوذة من الأصول إليها ، وهو من علم الاشتقاق .  
وأما بحسب التركيب فمن وجوه أربعة :  
الأول : باعتبار كيفية التراكيب بحسب الإعراب ومقابله من حيث إنها مؤدية أصل المعنى ، وهو ما دل عليه المركب بحسب الوضع ، وذلك متعلق بعلم النحو .  
الثاني : باعتبار كيفية التركيب من جهة إفادته معنى المعنى ؛ أعني لازم أصل المعنى الذي يختلف باختلاف مقتضى الحال في تراكيب البلغاء ، وهو الذي يتكلف بإبراز محاسنه علم المعاني .  
الثالث : باعتبار طرق تأدية المقصود بحسب وضوح الدلالة وحقائقها ومراتبها ، وباعتبار الحقيقة والمجاز ، والاستعارة والكناية والتشبيه ؛ وهو ما يتعلق بعلم البيان .  
والرابع : باعتبار الفصاحة اللفظية والمعنوية والاستحسان ومقابله ، وهو يتعلق بعلم البديع .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					