( الخامس ) في حكم الاستعاذة استحبابا ووجوبا
وهي مسألة لا تعلق للقراءات بها ، ولكن لما ذكرها شراح الشاطبية لم يخل كتابنا من ذكرها ؛ لما يترتب عليها من الفوائد . وقد تكفل أئمة التفسير والفقهاء بالكلام فيها ، ونشير إلى ملخص ما ذكر فيها من مسائل ( الأولى ) ذهب الجمهور [ ص: 258 ] إلى أن : في الصلاة وخارج الصلاة ، وحملوا الأمر في ذلك على الندب ، وذهب الاستعاذة مستحبة في القراءة بكل حال داود بن علي وأصحابه إلى وجوبها حملا للأمر على الوجوب كما هو الأصل ، حتى أبطلوا صلاة من لم يستعذ . وقد جنح الإمام - رحمه الله - إلى القول بالوجوب ، وحكاه عن فخر الدين الرازي ، واحتج له بظاهر الآية من حيث الأمر والأمر ظاهره الوجوب ، وبمواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها ؛ ولأنها تدرأ شر الشيطان ، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ؛ ولأن الاستعاذة أحوط ، وهو أحد مسالك الوجوب ، وقال عطاء بن أبي رباح : إذا تعوذ مرة واحدة في عمره فقد كفى في إسقاط الوجوب ، وقال بعضهم : كانت واجبة على النبي - صلى الله عليه وسلم - دون أمته ، حكى هذا من القولين شيخنا الإمام ابن سيرين عماد الدين بن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره .