الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                17860 باب الأسير يستعين به المشركون على قتال المشركين

                                                                                                                                                ( قال الشافعي - رحمه الله ) : قد قيل يقاتلهم ؛ قد قاتل الزبير ، وأصحاب له ببلاد الحبشة مشركين ، عن مشركين . ولو قال قائل [ ص: 144 ] يمتنع عن قتالهم لمعان - ذكرها الشافعي - كان مذهبا ، ولا نعلم خبر الزبير - رضي الله عنه - يثبت ، ولو ثبت كان النجاشي مسلما كان آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                ( أخبرنا ) أبو عبد الله الحافظ ، ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق ، حدثني الزهري ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن أم سلمة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها قالت : لما ضاقت علينا مكة . . فذكرت الحديث في هجرتهم إلى أرض الحبشة ، وما كان من بعثة قريش عمرو بن العاص ، وعبد الله بن أبي ربيعة إلى النجاشي ليخرجهم من بلاده ، ويردهم عليهم ، وما كان من دخول جعفر بن أبي طالب ، وأصحابه - رضي الله عنهم - على النجاشي قال : فقال النجاشي : هل معكم شيء مما جاء به ؟ فقال له جعفر : نعم . فقرأ عليه صدرا من ( كهيعص ) ، فبكى والله النجاشي حتى أخضل لحيته ، وبكت أساقفته حتى أخضلوا مصاحفهم ، ثم قال : إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى ، انطلقوا راشدين . . ثم ذكر الحديث في تصويرهما له أنهم يقولون في عيسى ابن مريم - عليه السلام - أنه عبد ، فدخلوا عليه ، وعنده بطارقته فقال : ما تقولون في عيسى ابن مريم - عليه السلام - فقال له جعفر : نقول هو عبد الله ، ورسوله ، وكلمته ، وروحه ألقاها إلى مريم العذراء البتول . فدلى النجاشي يده إلى الأرض فأخذ عويدا بين إصبعيه ، فقال : ما عدا عيسى ابن مريم ما قلت هذا العويد . . ثم ذكر الحديث قالت : فلم ينشب أن خرج عليه رجل من الحبشة ينازعه في ملكه ، فوالله ما علمتنا حزنا حزنا قط كان أشد منه ؛ فرقا من أن يظهر ذلك الملك عليه فيأتي ملك لا يعرف من حقنا ما كان يعرف ، فجعلنا ندعو الله ونستنصره للنجاشي ، فخرج إليه سائرا ، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعضهم لبعض : من رجل يخرج فيحضر الوقعة حتى ينظر على من تكون ، فقال الزبير - رضي الله عنه - وكان من أحدثهم سنا : أنا . فنفخوا له قربة ، فجعلها في صدره ، ثم خرج يسبح عليها في النيل حتى خرج من الشقة الأخرى إلى حيث التقى الناس فحضر الوقعة ، فهزم الله ذلك الملك ، وقتله ، وظهر النجاشي عليه ، فجاءنا الزبير - رضي الله عنه - فجعل يليح إلينا بردائه ويقول : ألا أبشروا فقد أظهر الله النجاشي . فوالله ما فرحنا بشيء فرحنا بظهور النجاشي .

                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                الخدمات العلمية