ولما تم أصحاب المذاهب المتبوعة أردف مع ما أضيف إليها ، ( ثم ) الإمام صاحب الصحيح بأصحاب الكتب الخمسة ) بالإسكان للوزن ، نسبة أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ( البخاري لبخارى ، بلد معروف بما وراء النهر ، عمل غنجار له تاريخا ، ( ليلة ) عيد ( الفطر ) وهي ليلة السبت وقت صلاة العشاء ، ( لدى ) بالمهملة أي : عند سنة ( ست وخمسين ) ومائتين ( بخرتنك ) بفتح المعجمة كما للسمعاني ، وهو المعروف ، أو كسرها كما لابن دقيق العيد ، ثم سكون الراء المهملة بعدها مثناة فوقانية مفتوحة ثم نون ساكنة وكاف ، قرية من قرى سمرقند عند أقرباء له فيها ، كان الذي نزل عنده منهم غالب بن جبريل ، وقيل : بمصر كما ذكره ابن يونس في تاريخ الغرباء له وهو شاذ ، وبالأول جزم السمعاني وغيره ، ( ردى ) بفتح الدال المهملة أي : ذهب بالوفاة إلى رحمة الله تعالى ، كذا أرخه مهيب بن سليم والحسن بن الحسين البزار ، وفي السنة أبو الحسين بن قانع وابن المنادى وآخرون ، قال وأبو سليمان بن زبر الحسن : وكان مدة عمره اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر [ ص: 341 ] يوما ; لأن مولده كان في يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال أيضا سنة أربع وتسعين ومائة ، وقد نظم البرهان الحلبي وفاته فقال :
ثم يوم عيد الفطر سنة خمسين وست فادري . البخاري
والإمام التالي له صاحب الصحيح أيضا ( سنة إحدى في ) عشية الأحد لأربع بقين من شهر ( رجب من بعد قرنين ) أي : مائتين ( وستين ) سنة ( ذهب ) بالوفاة ، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين منه أبو الحسين ( مسلم ) هو ابن الحجاج القشيري النيسابوري بنيسابور ، وقبره مشهور يزار ، أرخه كذلك فيما حكاه أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرم الحاكم عنه ، وكان فيما قيل عقد له مجلس للمذاكرة ، فذكر له حديث فلم يعرفه فانصرف إلى منزله ، وقدمت له سلة فيها تمر فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة فأصبح وقد فني التمر ووجد الحديث ، ويقال : إن ذلك كان سبب موته ; ولذا قال : وكانت وفاته بسبب غريب نشأ من غمرة فكرة علمية ، وسنه قيل : خمس وخمسون . وبه جزم ابن الصلاح وتوقف فيه ابن الصلاح الذهبي وقال : إنه قارب الستين ، وهو أشبه من الجزم ببلوغه ستين ; فإن المعروف أن مولده سنة أربع ومائتين .
[ ص: 342 ] ( ثم ) في يوم الجمعة سادس عشر شوال ( لخمس ) من السنين ( بعد سبعين ) سنة تلي مائتي سنة ، مات بالبصرة الإمام ( صاحب ( السنن ) ، ومولده فيما سمعه منه أبو داود ) سليمان بن الأشعث السجستاني أبو عبيد الآجري في سنة ثنتين ومائتين .
( ثم ) الحافظ ) بتثليث المثناة الفوقانية وكسر الميم أو ضمها وإعجام الذال ( يعقب ) الذي قبله في الوفاة بنحو أربع سنين ، فإنه مات في ليلة الاثنين لثلاث عشرة ليلة مضت من شهر رجب ، ( سنة تسع ) بتقديم المثناة الفوقانية على السين ( بعدها ) أي : بعد السبعين ومائتين ، كما قاله أبو عيسى محمد بن عيسى ( الترمذي أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري وغنجار ، وابن ماكولا وغيرهم ، وقول والرشاطي الخليلي في ( الإرشاد ) : إنه مات بعد الثمانين . ظن منه بأن النقل بخلافه ، وذلك بقرية بوغ بضم الموحدة وغين معجمة ، إحدى قرى ترمذ على ستة فراسخ منها .
( و ) الإمام ( ذو نسا ) بفتح النون والسين المهملة من أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب كور نيسابور ، وقيل : من أرض فارس . فهو ينسب لذلك نسائي بهمزة بعد الألف ، وقد ينسب من يكون منها نسويا ، وقال : إنه القياس . صاحب كتاب السنن ( رابع قرن لثلاث ) من السنين ( رفسا ) بالسين المهملة أي : ضرب سنة ثلاث وثلاثمائة ، وذلك في صفر كما قاله الرشاطي الطحاوي وابن يونس ، وزاد : يوم الاثنين لثلاث عشرة خلت منه ، وكذا قال الحافظ ، [ ص: 343 ] وقال أبو عامر العبدري : ليلة الاثنين ، وقال أبو علي الغساني : في شعبان . كما حكاه الدارقطني ابن منده عن مشايخه ، أعني الرفس بالأرجل في حضنيه - أي : جانبيه - من أهل دمشق حين أجابهم لما سألوه عن معاوية وما روي في فضائله ، كأنهم ليرجحوه بها على علي رضي الله عنهما بقوله : ألا يرضى معاوية رأسا برأس حتى يفضل ؟ وما زالوا كذلك حتى أخرج من المسجد ثم حمل إلى مكة فمات بها مقتولا شهيدا ، وقال : إن ذلك كان بالرملة ، وكذا قال الدارقطني العبدري : إنه مات بالرملة بمدينة فلسطين ودفن ببيت المقدس ، وسنه ثمانية وثمانون سنة فيما قاله الذهبي ومن تبعه ، وكأنه بناه على قوله عن نفسه يشبه أن يكون مولدي في سنة خمس عشرة ومائتين .
وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني صاحب السنن التي كمل بها الكتب الستة والسنن الأربعة بعد الصحيحين التي اعتنى بأطرافها الحافظ ثم ابن عساكر المزي مع رجالها ، وهو كما قال ابن كثير : كتاب مفيد قوي التبويب في الفقه . لكن قال الصلاح العلائي : إنه لو جعل مسند الدارمي بدله كان أولى ، وكانت وفاة فيما قاله ابن ماجه جعفر بن إدريس ثم الخليلي في ( الإرشاد ) : في سنة ثلاث وسبعين ومائتين ، زاد : أولهما في يوم الثلاثاء بقين من شهر رمضان ، قال : وسمعته يقول : ولدت سنة تسع ومائتين . وقيل : إنه مات سنة خمس وسبعين ، وقد نظمه البرهان الحلبي فقال :
[ ص: 344 ] قلت : ومات الحافظ من قبل حبر ترمذ بسنة . ابن ماجة
قال : وتجوزت في إطلاق العام على بعضه ; لأنه خمسة أشهر ، وشيء . انتهى . وكان يمكنه أن يقول : من قبل ترمذي بنصف سنة .