تتمة : كما حكاه ربما يتفق عروض ما يشبه الاختلاط ثم يحصل الشفاء منه ، أبو داود في سننه عن معمر أنه قال : احتجمت فذهب عقلي حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي . قال : وكان احتجم على هامته ، وبلغني أن البرهان [ ص: 388 ] الحلبي عرض له الفالج ، فأنسي كل شيء حتى الفاتحة ثم عوفي ، وكان يحكي عن نفسه أنه صار يتراجع إليه محفوظه كالطفل شيئا فشيئا .
وأعجب من هذا ما ذكره أن القاضي عياض إبراهيم بن محمد الحضرمي المعروف بابن الشرفي ، والمتوفى سنة ست وتسعين وثلاثمائة ، كان قد حصل له قبل موته بثلاثين شهرا فالج ، فلم يكن ينطق بغير لا إله إلا الله ، ولا يكتب غير بسم الله الرحمن الرحيم ، فكان ذلك من آيات الله عز وجل ، ونحوه ما قال : كان محمد بن إسماعيل الصائغ أحمد بن عمير الوادي - يعني شيخه - يحدث عن عمرو بن حكام والنضر بن محمد ، فانهدمت داره وتقطعت الكتب ، فاختلط عليه حديث عمرو في حديث النضر ; لأنهما جميعا يحدثان عن شعبة ، وليس مراده الاختلاط المذكور وإن قال شيخنا : إنه يلحق في المختلطين .
; لكثرة ملازمته له وطول صحبته إياه بحيث يصير حديثه على ذكره وحفظه بعد الاختلاط والتغير ، كما كان قبله ; وقد يتغير الحافظ لكبره ، ويكون مقبولا في بعض شيوخه أحد أئمة المسلمين في كحماد بن سلمة ; ولذا خرج له ثابت البناني مسلم - كما قدمته - في مراتب الصحيح ، على أن البيهقي قال : إن مسلما اجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت بخصوصه ما سمع منه قبل تغيره . فالله أعلم .