( 849 ) حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ، ثنا أبي ، ثنا ، عن ابن لهيعة أبي الأسود ، عن عروة قال : الأنصار من بني مالك بن النجار منهم : ، معاذ بن عفراء ، ومن وأسعد بن زرارة بني زريق : رافع بن مالك ، وذكوان بن عبد قيس ، ومن بني عبد الأشهل : ، ومن أبو الهيثم بن التيهان بني عمرو بن عوف : ، فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " فأخبرهم خبره الذي اصطفاه الله من نبوته وكرامته ، وقرأ عليهم القرآن ، فلما سمعوا قوله أنصتوا ، واطمأنت أنفسهم إلى دعوته وعرفوا ما كانوا يسمعون من أهل الكتاب من ذكرهم [ ص: 363 ] إياه بصفته ، وما يدعوهم إليه ، فصدقوه وآمنوا به وكانوا من أسباب الخير " ثم قالوا له : قد علمت الذي بين عويم بن ساعدة الأوس والخزرج من الدماء ، ونحن نحب ما أرشد الله به وأمرك ، ونحن لله ولك مجتهدون ، وإنا نشير عليك بما ترى ، فامكث على اسم الله حتى نرجع إلى قومنا فنخبرهم بشأنك ، وندعوهم إلى الله ورسوله ، فلعل الله يصلح بيننا ويجمع أمرنا ، فإنا اليوم متباعدون متباغضون ، وإن تقدم علينا اليوم ولم نصطلح لم يكن لنا جماعة عليك ، ولكن نواعدك الموسم من العام المقبل ، فرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قالوا ، فرجعوا إلى قومهم فدعوهم سرا وأخبروهم برسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثه الله به ، ودعا إليه بالقرآن حتى قل دار من دور الأنصار إلا أسلم فيها ناس - لا محالة - ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : مصعب بن عمير أخا أن ابعث إلينا رجلا من قبلك فيدعو الناس بكتاب الله فإنه أدنى أن يتبع ، " فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد الدار فنزل في بني غنم على فجعل يدعو الناس سرا ، ويفشو الإسلام ، ويكثر أهله وهم في ذلك مستخفون بدعائهم ، ثم إن أسعد بن زرارة أقبل هو أسعد بن زرارة حتى أتيا ومصعب بن عمير بئر مري - أو قريبا منها - فجلسنا هنالك وبعثا إلى رهط من أهل الأرض فأتوهم مستخفين ، فبينما يحدثهم ويقص عليهم القرآن أخبر بهم مصعب بن عمير ، فأتاهم في لأمته معه الرمح حتى وقف عليهم فقال : علام يأتينا في دورنا بهذا الوحيد الفريد الطريح الغريب يسفه ضعفاءنا بالباطل ، ويدعوهم إليه ؟ لا أراكم بعدها بشيء من جوارنا ، فرجعوا ثم إنهم عادوا الثانية ببئر مري - أو قريبا - منها فأخبر بهم سعد بن معاذ الثانية فواعدهم بوعيد دون الوعيد الأول ، فلما رأى سعد بن معاذ أسعد منه [ ص: 364 ] لينا قال : يا ابن خالة اسمع من قوله ، فإن سمعت منكرا ، فاردده يا هذا منه ، وإن سمعت خيرا فأجب إليه ، فقال : ماذا يقول ؟ فقرأ عليهم مصعب بن عمير : حم والكتاب المبين ، إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ، فقال : ما أسمع إلا ما أعرف ، فرجع وقد هداه الله ولم يظهر لهم الإسلام حتى رجع إلى قومه ، فدعا سعد بن معاذ بني عبد الأشهل إلى الإسلام ، وأظهر إسلامه وقال : من شك فيه من صغير أو كبير أو ذكر أو أنثى فليأتنا بأهدى منه نأخذ به ، فوالله لقد جاء أمر لتحزن فيه الرقاب ، فأسلمت بنو عبد الأشهل عند إسلام سعد ودعائه - إلا من لا يذكر - فكانت أول دور من دور الأنصار أسلمت بأسرها ، ثم إن بني النجار أخرجوا واشتدوا على مصعب بن عمير فانتقل أسعد بن زرارة إلى مصعب بن عمير ، فلم يزل عنده يدعو ويهدي الله على يديه ، حتى قل دار من دور سعد بن معاذ الأنصار إلا أسلم فيها ناس - لا محالة - وأسلم أشرافهم وأسلم ، وكسرت أصنامهم ، فكان المسلمون أعز أهلها ، وصلح أمرهم ورجع عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يدعى المقرئ مصعب بن عمير . فلما حضر الموسم حج نفر من