الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 45 ) حدثنا أبو يزيد القراطيسي ، ثنا حجاج بن إبراهيم الأزرق ، ثنا مروان بن معاوية الفزاري ، ثنا محمد بن سوقة قال : أتيت نعيم بن أبي هند ، فأخرج إلي صحيفة ، فإذا فيها : من أبي عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل إلى عمر بن الخطاب : سلام عليك ، أما بعد ، فإنا عهدناك وأمر نفسك لك مهم ، فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يديك الوضيع والشريف ، والعدو والصديق ، ولكل حصته من العدل ، فانظر كيف أنت عند ذلك يا عمر ، فإنا نحذرك يوما تعني فيه الوجوه ، وتجف فيه القلوب ، وتنقطع فيه الحجج لحجة ملك قد قهرهم بجبروته ، والخلق داخرون له يرجون رحمته ويخافون عذابه ، وإنا كنا نتحدث أن أمر هذه الأمة في آخر زمانها سيرجع إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، وإنا نعوذ بالله أن ينزل كتابنا سوى المنزل الذي نزل من قلوبنا ، فإنا إنما كتبنا به نصيحة لك ، والسلام عليك

                                                                  فكتب إليهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " من عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح ، ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما ، سلام عليكما ، أما بعد ، أتاني كتابكما تذكران أنكما عهدتماني وأمر نفسي لي مهم ، فأصبحت قد وليت أمر هذه الأمة أحمرها وأسودها ، يجلس بين يدي الشريف والوضيع والعدو والصديق ، ولكل حصة من العدل ، كتبتما : كيف أنت عند [ ص: 33 ] ذلك يا عمر ، وإنه لا حول ولا قوة لهم عند ذلك إلا بالله ، وكتبتما تحذراني ما حذرت منه الأمم قبلنا وقديما ، وإن اختلاف الليل والنهار بآجال الناس يقربان كل بعيد ، ويأتيان بكل جديد ، ويأتيان بكل موعود حتى يصير الناس إلى منازلهم من الجنة والنار ، كتبتما تحذراني أن أمر هذه الأمة سيرجع في آخر زمانها إلى أن يكونوا إخوان العلانية أعداء السريرة ، ولستم بأولئك وليس هذا بزمان ذلك ، وذلك زمان تظهر فيه الرغبة والرهبة ، يكون رغبة بعض الناس إلى بعض لصلاح دنياهم ، كتبتما تعوذان بالله أن أنزل كتابكما سوى المنزل الذي نزل من قلوبكما ، وأنكما كتبتما به نصيحة لي ، وقد صدقتما ، فلا تدعا الكتاب إلي فإنه لا غنى بي عنكما والسلام عليكما " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية