41 - 19 - 3 باب منه في عظة الخضر  موسى   - عليهما السلام - . 
 17722 عن  عمر بن الخطاب  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :  " قال أخي موسى   - عليه السلام - : يا رب ، أرني الذي كنت أريتني في السفينة  ، فأوحى الله إليه : يا موسى  ، إنك ستراه ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى أتاه الخضر  ، وهو في طيب الريح ، وحسن ثياب البياض ، فقال : السلام عليك يا موسى بن عمران  ، إن ربك يقرأ عليك : السلام ورحمة الله قال موسى   : هو السلام ، وإليه السلام ، ومنه السلام ، والحمد لله رب العالمين ، الذي لا أحصي نعمه ، ولا أقدر على شكره ، إلا بمعونته ، ثم قال موسى   : أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك ، قال الخضر   : يا طالب العلم ، إن القائل أقل ملالة من المستمع ، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم ، واعلم أن قلبك وعاء ، فانظر بما تحشو به وعاءك ، واعرف الدنيا ، وانبذها وراءك ; فإنها ليست لك بدار ، ولا لك فيها قرار ، وإنها جعلت بلغة للعباد ليتزودوا منها للمعاد ، ويا موسى  ، وطن نفسك على الصبر تلق الحلم ، وأشعر قلبك التقوى تنل العلم ، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم . يا موسى  ، تفرغ للعلم إن كنت تريده ; فإنما العلم لمن تفرغ له ، ولا تكن  [ ص: 233 ] هكارا بالمنطق مهذارا ، إن كثرة المنطق تشين العلماء ، وتبدي مساوئ الخفاء ، ولكن عليك بذي اقتصاد ; فإن ذلك من التوفيق والسداد ، وأعرض عن الجاهل ، واحلم عن السفهاء ; فإن ذلك فضل الحكماء ، وزين العلماء . إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما ، وجانبه حزما ; فإن ما بقي من جهله عليك ، وشتمه إياك أعظم وأكثر . 
يا ابن عمران  ، إنك لا ترى أوتيت من العلم إلا قليلا ; فإن الاندلاق والتعسف من الاقتحام والتكلف . يا ابن عمران  ، لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه ، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه . يا ابن عمران  ، من لا ينتهي من الدنيا نهمته ، ولا تنقضي منها رغبته ، كيف يكون عابدا ؟ من يحقر حاله ، ويتهم الله بما قضى له كيف يكون زاهدا ؟ هل يكف عن الشهوات من قد غلب هواه ، وينفعه طلب العلم والجهل قد حوله ; لأن سفره إلى آخرته ، وهو مقبل على دنياه . يا موسى  ، تعلم ما تعلمن لتعمل به ، ولا تعلمه لتحدث به ، فيكون عليك بوره ، ويكون لغيرك نوره . يا ابن عمران  ، اجعل الزهد والتقوى لباسك ، والعلم والذكر كلامك ، وأكثر من الحسنات ; فإنك مصيب السيئات ، وزعزع بالخوف قلبك ، فإن ذلك يرضي ربك ، واعمل خيرا ; فإنك لا بد عامل سواه . قد وعظت إن حفظت . 
فتولى الخضر  وبقي موسى  حزينا مكروبا "  . رواه  الطبراني  في الأوسط ، وفيه زكريا بن يحيى الوقار  ، وقد ضعفه غير واحد ، وذكره  ابن حبان  في الثقات ، وذكر أنه أخطأ في وصله ، والصواب فيه : عن  سفيان الثوري   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ، وبقية رجاله وثقوا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					