الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 104 - 106 ] ( والقهقهة في كل صلاة ذات ركوع وسجود ) والقياس أنها لا تنقض ، وهو قول الشافعي رحمه الله تعالى; لأنه ليس بخارج نجس ، ولهذا لم يكن حدثا في صلاة الجنازة وسجدة التلاوة وخارج الصلاة .

                                                                                                        ولنا قوله عليه الصلاة والسلام { ألا من ضحك منكم قهقهة فليعد الوضوء والصلاة جميعا }وبمثله يترك القياس ، والأثر ورد في صلاة مطلقة فيقتصر عليها ، والقهقهة ما يكون مسموعا له ولجيرانه ، والضحك ما يكون مسموعا له دون جيرانه ، وهو على ما قيل يفسد الصلاة دون الوضوء .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثاني والعشرون : [ ص: 107 ] قال النبي صلى الله عليه وسلم : { ألا من ضحك منكم قهقهة فليعد الصلاة والوضوء جميعا }" ، قلت : فيه أحاديث مسندة ، وأحاديث مرسلة . أما المسندة فرويت من حديث أبي موسى الأشعري ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وأنس بن مالك ، وجابر بن عبد الله ، وعمران بن الحصين ، وأبي المليح .

                                                                                                        أما حديث أبي موسى ، فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ثنا مهدي بن ميمون ثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن { أبي موسى ، قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ دخل رجل فتردى في حفرة كان في المسجد وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة }" انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة ، فأخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد العزيز بن الحصين عن عبد الكريم بن أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { إذا قهقه أعاد الوضوء والصلاة }انتهى .

                                                                                                        قال : وعبد العزيز ضعيف ، وعبد الكريم متروك مع ما يقال فيه من الانقطاع بين الحسن ، وأبي هريرة ، وأنه لم يسمع منه انتهى .

                                                                                                        قال ابن عدي : والبلاء في هذا الإسناد من عبد العزيز ، وعبد الكريم ، وهما ضعيفان ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث ابن عمر ، فرواه ابن عدي في " الكامل " من حديث بقية ثنا أبي ثنا عمرو بن قيس الكوفي عن عطاء عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة }" .

                                                                                                        قال ابن الجوزي في " العلل المتناهية " هذا حديث لا يصح ، فإن بقية من عادته التدليس ، وكأنه سمعه من بعض الضعفاء فحذف اسمه ، وهذا فيه نظر ; لأن بقية صرح فيه بالتحديث ، والمدلس إذا صرح بالتحديث وكان صدوقا زالت تهمة التدليس ، وبقية من هذا القبيل . قال ابن عدي : [ ص: 108 ] وبعضهم يقول فيه : عمر بن قيس ، وإنما هو عمرو انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أنس ، فأخرجه الدارقطني على داود بن المحبر عن أيوب بن خوط عن قتادة عن أنس ، قال : { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا ، فجاء رجل ضرير البصر }يمثل الأول ، ثم قال : داود بن المحبر متروك الحديث ، وأيوب ضعيف ، والصواب من ذلك قول من رواه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا ، ثم أخرجه عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن أنس ، وأبي العالية أن أعمى تردى فذك ره ، وقال : لم يروه عن سلام غير عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ، وهو متروك يضع الأحاديث ، ثم أخرجه عن سفيان بن محمد الفزاري عن عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن أنس نحوه ، وقال : وسفيان هذا سيئ الحال .

                                                                                                        وأحسن حالاته أن يكون وهم على ابن وهب إن لم يكن تعمده " أعني قوله فيه : عن أنس " فقد رواه غير واحد عن ابن وهب : منهم خالد بن خداش ، وموهب بن يزيد ، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب ، وغيرهم ، لم يذكر فيه أحد منهم أنس بن مالك ، بل أرسلوه عن الحسن ، ثم أخرج أحاديثهم ، ثم أخرج عن الزهري أنه قال : لا وضوء في القهقهة . قال : فلو كان هذا صحيحا عند الزهري لما أفتى بخلافه انتهى .

                                                                                                        وله طريق آخر رواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في " تاريخ جرجان " فقال : حدثنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو بن شهاب بن طارق الأصبهاني ثنا أبو جعفر أحمد بن فورك ثنا عبيد الله بن أحمد الأشعري ثنا عمار بن يزيد البصري ثنا موسى بن هلال ثنا أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من قهقه في الصلاة قهقهة شديدة فعليه الوضوء والصلاة } ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث جابر ، فأخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، قال : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من ضحك منكم في صلاته فليتوضأ ثم ليعد الصلاة }انتهى ، ثم قال : يزيد بن سنان ضعيف ، ويكنى بأبي فروة الرهاوي ، وابنه ضعيف أيضا ، وقد وهم في هذا الحديث في موضعين :

                                                                                                        أحدهما : في رفعه إياه . والآخر : في لفظه . والصحيح عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر من قوله : { من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء }كذلك رواه عن الأعمش جماعة من الرفعة الثقات : منهم سفيان الثوري ، وأبو معاوية الضرير ، ووكيع ، وعبد الله بن داود الخريبي وعمر بن علي المقدمي ، وغيرهم ، وكذلك رواه شعبة ، وابن جريج [ ص: 109 ] عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر . ثم أخرج أحاديثهم عن جابر ، أنه قال : { من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء }وزاد في لفظ : إنما كان لهم ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                        وأما حديث عمران بن الحصين ، فأخرجه الدارقطني عن إسماعيل بن عياش عن عمر بن قيس الملائي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " { من ضحك في الصلاة قرقرة فليعد الوضوء والصلاة }" قال : وعمر بن قيس المكي المعروف " بسندل " ضعيف ذاهب الحديث ، وعمرو بن عبيد ، قيل فيه : إنه كذاب .

                                                                                                        وأخرجه البيهقي عن عبد الرحمن بن سلام عن عمر بن قيس به ، ولابن عدي فيه طريق آخر أخرجه عن بقية عن محمد الخزاعي عن الحسن عن عمران بن الحصين { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لرجل ضحك في الصلاة : أعد وضوءك }انتهى .

                                                                                                        قال : ومحمد الخزاعي من مجهولي مشايخ بقية . قال : ويروى عن محمد بن راشد عن الحسن ، وابن راشد مجهول ، انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي المليح ، فأخرجه الدارقطني أيضا من حديث محمد بن إسحاق حدثني الحسن بن دينار عن الحسن البصري عن { أبي المليح بن أسامة عن أبيه ، قال : بينا نحن نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل ضرير البصر }باللفظ الأول قال ابن إسحاق : وحدثني الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه ، مثل ذلك ، قال الدارقطني : والحسن بن دينار . وابن عمارة ضعيفان وكلاهما أخطأ في الإسناد ، وإنما رواه الحسن البصري عن حفص بن سليمان المنقري عن أبي العالية مرسلا ، وكان الحسن كثيرا ما يرويه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فأما قول الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه فوهم قبيح ، وإنما رواه خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن النبي مرسلا ، رواه عنه كذلك سفيان الثوري ، وهشيم . ووهب ، وحماد بن سلمة وغيرهم ، وقد اضطرب ابن إسحاق في روايته " عن الحسن بن دينار هذا الحديث [ ص: 110 ] فمرة رواه عنه عن الحسن البصري ، ومرة رواه عنه عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه . وقتادة إنما رواه عن أبي العالية مرسلا كذلك ، رواه عنه سعيد بن أبي عروبة ، ومسلم بن أبي الزيال ، ومعمر ، وأبو عوانة ، وسعيد بن بشير ، وغيرهم ، ثم ذكر أحاديثهم الخمسة ، ثم قال : فهؤلاء خمسة ثقات رووه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا ، وأيوب بن خوط ، وداود بن المحبر ، وعبد الرحمن بن جبلة ، والحسن بن دينار ، كلهم متروكون ليس فيهم من يجوز الاحتجاج به ، لو لم يكن له مخالف ، فكيف وقد خالف كل واحد منهم خمسة ثقات من أصحاب قتادة ثم أسند عن محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن الحسن بن دينار عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه ، فذكره ، وفيه : { فضحك ناس من خلفه } ، وقال : الحسن بن دينار متروك الحديث ، وحديثه هذا بعيد من الصواب ، ولا نعلم أحدا تابعه عليه انتهى .

                                                                                                        وأما المراسيل فهي أربعة : أشهرها مرسل أبي العالية .

                                                                                                        والثاني : مرسل معبد الجهني .

                                                                                                        والثالث : مرسل إبراهيم النخعي .

                                                                                                        والرابع : مرسل الحسن . أما مرسل أبي العالية ، فله وجهان :

                                                                                                        أحدهما : روايته عن نفسه مرسلا ، وهو الصحيح ، جاء ذلك من جهة قتادة ، وحفصة بنت سيرين ، وأبي هاشم الزماني ، فأما حديث أبي قتادة فمن رواية معمر ، وأبي عوانة ، وسعيد بن أبي عروبة ، وسعيد بن بشير ، فحديث معمر رواه عنه عبد الرزاق في " مصنفه " عن قتادة عن أبي العالية الرياحي { أن أعمى تردى في بئر ، والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه ، فضحك بعض من كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان ضحك منهم أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة }. وأخرجه الدارقطني من طريق عبد الرزاق بسنده ، وعبد الرزاق ، فمن فوقه من رجال الصحيحين ، وبقية الروايات عن قتادة أخرجها الدارقطني أيضا .

                                                                                                        وأما حديث حفصة ، فمن جهة خالد الحذاء ، وأيوب السختياني ، وهشام بن حسان ، ومطر الوراق ، وحفص بن سليمان ، أخرجها كلها الدارقطني ، وأما حديث أبي هاشم الزماني ، فمن جهة شريك ، ومنصور أخرجهما الدارقطني ، وأخرجه ابن أبي شيبة من جهة شريك . وأبو داود رواه في مراسيله .

                                                                                                        الوجه الثاني : روايته مرسلا عن غيره ، رواه الدارقطني من جهة خالد بن عبد الله الواسطي [ ص: 111 ] عن هشام بن حسان عن حفصة عن أبي العالية عن رجل من الأنصار { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ، فمر رجل في بصره سوء ، فتردى في بئر ، فضحك طوائف من القوم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة }.

                                                                                                        قال الدارقطني : هكذا رواه خالد ، ولم يسم الرجل ، ولا ذكر أله صحبة أم لا ؟ ولم يصنع خالد شيئا ، وقد خالفه خمسة : اثنان ثقات حفاظ ، وقولهم أولى بالصواب انتهى .

                                                                                                        ولقائل أن يقول : زيادة خالد هذا الرجل الأنصاري زيادة عدل لا يعارضها نقض من نقضها ، ثم أسند الدارقطني عن عاصم قال : قال ابن سيرين : لا تأخذوا بمراسيل الحسن ، ولا أبي العالية ، وما حدثتموني فلا تحدثوني عن رجلين من أهل البصرة عن أبي العالية ، والحسن ، فإنهما كانا لا يباليان عمن أخذا حديثهما . وأسند عن ابن عون ، قال : قال محمد بن سيرين : أربعة يصدقون من حدثهم ، فلا يبالون ممن يسمعون : الحسن ، وأبو العالية ، وحميد بن هلال ، ولم يذكر الرابع .

                                                                                                        وذكره غيره فسماه " أنس بن سيرين " . وأما مرسل معبد الجهني ، فأخرجه الدارقطني عن الإمام أبي حنيفة عن منصور بن زاذان الواسطي عن الحسن عن معبد الجهني { عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : بينا هو في الصلاة إذ أقبل أعمى يريد الصلاة ، فوقع في زبية ، فاستضحك القوم حتى قهقهوا ، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال : من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة }. قال الدارقطني : وهم أبو حنيفة فيه على منصور ، وإنما رواه منصور عن محمد بن سيرين عن معبد ، ومعبد هذا لا صحبة له . ويقال : إنه أول من تكلم في القدر من التابعين حدث به عن منصور عن ابن سيرين : غيلان بن جامع ، وهشيم بن بشير ، وهما أحفظ من أبي حنيفة للإسناد ، ثم أخرجه كذلك .

                                                                                                        وقال ابن عدي : لم يقل في إسناده : عن معبد إلا أبو حنيفة ، وأخطأ فيه ، قال لنا ابن حماد : " وكان يميل إلى أبي حنيفة " هو معبد بن هوزة ، قال : وهذا غلط منه ; لأن معبد بن هوزة أنصاري ، وهذا جهني انتهى .

                                                                                                        وأما مرسل النخعي ، فأخرجه الدارقطني عن أبي معاوية عن الأعمش عن إبراهيم ، قال : { جاء رجل ضرير البصر ، والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة }الحديث ، ثم أسند الدارقطني عن علي بن المديني ، قال : قلت لعبد الرحمن بن مهدي : روى هذا الحديث إبراهيم مرسلا ، فقال : حدثني شريك عن أبي هاشم قال : أنا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية ، قال : فرجع حديث إبراهيم هذا الذي أرسله إلى أبي العالية ; لأن أبا هاشم ذكر أنه حدثه [ ص: 112 ] به عنه انتهى .

                                                                                                        وهذا الذي ذكره الدارقطني عن علي بن المديني ذكره ابن عدي في " الكامل " بحروفه ، وأسند ابن عدي عن يحيى بن معين أنه قال : مراسيل إبراهيم صحيحة إلا حديث : تاجر البحرين ، وحديث القهقهة ، انتهى .

                                                                                                        قلت : أما حديث القهقهة فقد عرف ، وأما حديث تاجر البحرين ، فرواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " وكيع ثنا الأعمش عن إبراهيم قال : { جاء رجل فقال : يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف إلى البحرين ، فأمره أن يصلي ركعتين يعني القصر }انتهى .

                                                                                                        وأما مرسل الحسن ، فأخرجه الدارقطني أيضا عن يونس عن ابن شهاب عن الحسن ، فذكره ، وعلته رواية ابن أخي ابن شهاب الزهري عن عمه ، قال : حدثني سليمان بن أرقم عن الحسن { أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة } ، أخرجها الدارقطني ، وكذلك رواه الشافعي في " مسنده " أخبرنا الثقة " يعني يحيى بن حسان " عن معمر عن ابن شهاب عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الشافعي : وهذا لا يقبل ; لأنه مرسل ، قال ابن دقيق العيد : وإذا آل الأمر إلى توسط سليمان بن أرقم بين ابن شهاب ، والحسن ، وهو عندهم متروك تعلل انتهى .

                                                                                                        ورواه محمد بن الحسن في " كتاب الآثار " أخبرنا أبو حنيفة ثنا منصور بن زاذان عن الحسن البصري ، فذكره . وأسند ابن عدي في " الكامل " عن علي بن المديني ، قال : قال لي عبد الرحمن بن مهدي " وكان أعلم الناس بحديث القهقهة " : إنه كله يدور على أبي العالية ، فقلت له : إن الحسن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، فقال عبد الرحمن : حدثنا حماد بن زيد عن حوض بن سليمان قال : أنا حدثت به الحسن عن حفصة عن أبي العالية ، قلت له : فقد رواه إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فقال عبد الرحمن : حدثنا شريك عن أبي هاشم ، قال : أنا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية ، قلت له : فقد رواه الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، فقال عبد الرحمن : قرأت هذا الحديث في " كتاب ابن أخي الزهري " عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " سننه " : قال الإمام أحمد : ولو كان عند الزهري أو الحسن فيه حديث صحيح لما استجاز القول بخلافه ، وقد صح عن قتادة عن الحسن أنه كان لا يرى من الضحك في الصلاة وضوءا .

                                                                                                        وعن شعيب بن أبي حمزة ، وغيره عن الزهري أنه قال : من الضحك في الصلاة تعاد الصلاة ولا يعاد الوضوء . قال البيهقي : وقد روي هذا الحديث بأسانيد موصولة ، إلا أنها ضعيفة ، وقد ثبت أحاديثها في " الخلافيات " انتهى .

                                                                                                        وقال ابن عدي في " الكامل " : وقد روى هذا الحديث الحسن البصري ، وقتادة ، وإبراهيم النخعي . [ ص: 113 ] والزهري مرسلا ، وقد اختلف على كل واحد منهم موصولا ومرسلا ، ومدار الكل يرجع إلى أبي العالية ، والحديث له ، وبه يعرف ، ومن أجله تكلم الناس فيه ، ولكن سائر أحاديثه مستقيمة صالحة انتهى .

                                                                                                        وقال الحاكم في " كتاب مناقب الشافعي " : قال الشافعي : أخبار أبي العالية الرياحي رياح ، قال : وهو إنما أراد بذلك حديث القهقهة فقط ، فإنه يرويه مرة عن محمد بن سيرين ، ومرة عن حفصة بنت سيرين . ومرة يرسله ، فيقول : عن رجل ، وأبو العالية ، واسمه " رفيع " من ثقات التابعين المجمع على عدالتهم انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي في " كتاب المعرفة " . وقول الشافعي : أخبار الرياحي رياح ، يريد به ما يرسله ، فأما ما يوصله فهو فيه حجة انتهى .

                                                                                                        وقال ابن عدي في " الكامل " في ترجمة الحسن بن زياد : بعد أن نقل عن ابن معين أنه قال فيه : كذوب ليس بشيء ، ونقل عن آخرين أنهم رموه بحب الشباب ، وله حكايات تدل على ذلك ، ثم أسند إلى الشافعي أنه ناظر الحسن بن زياد يوما ، فقال له : ما تقول في رجل قذف محصنا في الصلاة ؟ قال : تبطل صلاته ، قال : فوضوءه ؟ قال : وضوءه على حاله ، قال : فلو ضحك في الصلاة ؟ قال : تبطل صلاته ووضوءه ، فقال الشافعي : فيكون الضحك في الصلاة أسوأ حالا من قذف المحصن ، فأفحمه انتهى .

                                                                                                        واستدل على أن حديث القهقهة من الخصائص ، بحديث أخرجه الدارقطني عن المسيب بن شريك عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ، قال : ليس على من ضحك في الصلاة وضوء ، إنما كان لهم ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى . وهذا لا يصح . قال ابن معين : المسيب ليس بشيء . وقال أحمد : ترك الناس حديثه ، وكذلك قال الفلاس .

                                                                                                        ومما استدل به على أن الضحك غير ناقض للوضوء حديث أخرجه الدارقطني عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء }انتهى .

                                                                                                        وأبو شيبة اسمه " إبراهيم بن عثمان " ، قال أحمد : منكر الحديث . ويزيد أيضا قال فيه ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد ، قال البيهقي : روى هذا أبو شيبة ، فرفعه ، وهو ضعيف ، والصحيح موقوف انتهى .

                                                                                                        ومع ضعف هذا الإسناد اضطرب في متنه ، فروي بهذا الإسناد " الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء " أخرجه الدارقطني أيضا .

                                                                                                        ومما استدل على أن التبسم غير مبطل للصلاة حديث أخرجه الطبراني في [ ص: 114 ] معجمه " وأبو يعلى الموصلي في " مسنده " والدارقطني في " سننه " عن الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثنا جابر { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه العصر ، فتبسم في الصلاة ، فلما انصرف قيل له : يا رسول الله تبسمت وأنت تصلي ؟ فقال : إنه مر ميكائيل وعلى جناحه غبار فضحك إلي فتبسمت إليه وهو راجع من طلب القوم }انتهى .

                                                                                                        وسكت الدارقطني عنه ، والوازع بن نافع ضعيف جدا ، ووجدته في " معجم الطبراني " جبرائيل عوض ميكائيل . والسهيلي في " الروض الأنف " ذكره من جهة الدارقطني ، وتكلم عليه ، وبنى كلامه على أنه ميكائيل . ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " وأعله بالوازع ، وقال : إنه كثير الوهم ، فيبطل الاحتجاج به .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه الطبراني في " معجمه الصغير " عن ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا يقطع الصلاة الكشر ، ولكن يقطعها القهقهة }انتهى .

                                                                                                        وقال لم يرفعه عن سفيان إلا ثابت ، ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به موقوفا ، ورواه ابن عدي في " الكامل " ولفظه : { ولكن يقطعها القرقرة }" . قال ابن عدي : لا أعلمه إلا من رواية ثابت عن الثوري ، ولعله كان عنده عن العرزمي عن أبي الزبير ، فشبه عليه ، والله أعلم .

                                                                                                        ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا { إذا ضحك الرجل في صلاته فعليه الوضوء والصلاة ، وإذا تبسم فلا شيء عليه }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية