وفي الكتاب بابان : الباب الأول في الضمان
وأركانه أربعة :
nindex.php?page=treesubj&link=16730الركن الأول : الموجب . وفي الجواهر :
nindex.php?page=treesubj&link=16760أسباب الضمان ثلاثة ، التفويت مباشرة ، والتسبب ، واليد غير المؤمنة . فيندرج الغاصب والمتعدي والمستام إذا تلف تحت يده ، وهي خير من قولهم : اليد العادية ; لأنها لا تعم ، وحد المباشرة : اكتساب علة التلف ، وهي ما يقال عادة : حصل الهلاك بها من غير توسط ، والسبب : ما يحصل الهلاك عنده بعلة أخرى إذا كان السبب هو المقتضي لوقوع
[ ص: 260 ] الفعل بتلك العلة ،
nindex.php?page=treesubj&link=16760كحفر البئر في محل عدوان فتتردى فيه بهيمة أو غيرها ، فإن أرداها غير الحافر فالضمان على المردي تقديما للمباشرة على السبب . ويضمن المكره على إتلاف المال ; لأن الإكراه سبب ، وعلى فاتح القفص بغير إذن ربه فيطير ما فيه حتى لا يقدر عليه ، والذي
nindex.php?page=treesubj&link=16763حل دابة من رباطها أو عبدا مقيدا خوف الهرب فيهرب ; لأنه متسبب كان الطيران والهرب عقيب الفتح والحل أو بعده ، وكذلك السارق ، يترك الباب مفتوحا وما في الدار أحد ،
nindex.php?page=treesubj&link=16763والفاتح دارا فيها دواب فتهرب وليس فيها أربابها ، ضمن ، وإلا فلا ; لوجود الحافظ ، وقال
أشهب : إن كانت الدواب مسرجة ضمن . وإن كان رب الدار فيها لتيسر الخروج قبل العلم بالفتح . وفي كتاب اللقطة : لو كان ربها فيها نائما لم يضمن ، وإن ترك الباب مفتوحا فخرجت الدواب ، وإنما يضمن إذا لم يكن فيها أربابها ، قال
التونسي : الضمان وإن كان أربابها فيها ، لأنهم اعتمدوا على الباب فهو المتسبب في ذهاب الدواب ، ووافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل في هذا ونحوه ، وقال ( ش ) : إذا طار الحيوان عقيب الفتح ضمن وإلا فلا ، وقال ( ح ) : لا يضمن إلا في
nindex.php?page=treesubj&link=16763الزق إذا حله فيتبدد ما فيه ، وبخلاف المتردي ، فإن المتردي في البئر لا يقصد التردي ، والحيوان مستقل بإرادة الحركة ، وقال ( ش ) :
nindex.php?page=treesubj&link=16760لو حل وكاء الزق المنتصب فطرحته الريح فلا ضمان ; لأن الإتلاف بسبب الريح وهي غير معلومة الحركة ، فلا ضمان في أي زمان تكون ، وإذا تحركت فغير معلومة النهوض للإراقة بخلاف حر الشمس أذابتها في الزق ; لأنه معلوم الحصول ، فالتغرير فيه متعين فيضمن .
لنا : قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس " وهذا ظالم فيكون عليه السبيل ، ولا سبيل بالإجماع إلا الغرم فيغرم ، أو نقول : فيندرج الغرم في عموم السبيل فيغرم ، وقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم "
[ ص: 261 ] فمقتضاه : أن يفتح له قفصا كما فتح فيذهب ماله ، لكن سقط فتح القفص بالإجماع ، وبقي غرم المال على أصل الوجوب والقياس على حل الزق والتردي في البئر ، أو على ما إذا فتح القفص وهيجه فطار ، أو فتح باب مراحه فخرجت الماشية فأفسدت الزرع ; فإنه يضمنه .
احتجوا بأنه إذا اجتمع السبب والمباشرة اعتبرت المباشرة دونه . والطير مباشر باختياره لحركة نفسه ، كمن
nindex.php?page=treesubj&link=16760حفر بئرا عدوانا فدفع غير الحافر فيها إنسانا ، فإن الدافع يضمن دون الحافر ، أو طرح رجل فيها نفسه ، والحيوان قصده معتبر بدليل جوارح الصيد إن أمسكت لأنفسها لا يؤكل الصيد ، أو للصائد أكل .
والجواب : لا نسلم أن الطائر مختار للطيران ، ولعله حينئذ كان يختار لانتظار العلف أو خوف الكواسر ، وإنما طار خوفا من الفاتح فيصير ملجأ للطيران ، وإذا جاز وجاز والتسبب معلوم فيضاف الضمان إليه ، كما يجب على حافر البئر يقع فيها حيوان مع إمكان اختياره لنزولها لتفريخ خلقه أو غير ذلك ، ولا نسلم أن الصيد يؤكل إذا أكل منه الجارح ، سلمناه لكن الضمان يتعلق بالسبب الذي توصل به الطائر لمقصده ، كمن أرسل بازيا على طير غيره فقتله البازي باختياره ، فإن المرسل يضمن . وهذه المسألة تقتضي اعتبار اختيار الحيوان ، ثم لا نسلم أن الفتح سبب مجرد ، بل هو في معنى المباشرة لما في طبع الطائر من النفور من الآدمي ، وأما إلقاء غير حافر البئر إنسانا ، أو إلقاؤه هو لنفسه فالفرق : أن قصد الطائر ونحوه ضعيف ; لقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349602جرح العجماء جبار ) والآدمي يضمن قصد أو لم يقصد .
[ ص: 262 ] فرع
في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=10707_10726موت الحيوان ، وانهدام العقار بفور الغصب أو بعده بغير سبب الغاصب يضمنه بقيمته يوم الغصب .
تمهيد ، وفيه قاعدة أصولية وهي : أن ترتب الحكم على الوصف يدل على علية ذلك الوصف لذلك الحكم ، وقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349440على اليد ما أخذت حتى ترده ) فيه لفظ " على " الدال على اللزوم والوجوب ، وقد رتبه - صلى الله عليه وسلم - على وصف الأخذ ، فيكون وضع اليد للأخذ سبب الضمان .
ولنا : قاعدة أخرى أصولية فقهية وهي : أن الأصل ترتب المسببات على أسبابها من غير تراخ ، فيترتب الضمان حين وضع اليد ، فلذلك ضمنا بوضع اليد ، وأوجبنا القيمة حينئذ .
فرع
قال :
nindex.php?page=treesubj&link=16760_6455استعار دابة إلى منزله فبلغها ، ثم تنحى قربها فنزل فيه فهلكت في رجوعها ، فإن كان ما تنحى إليه من معاد الناس لم يضمن ، وإن جاوز منازل الناس ضمن . قال
ابن يونس : قال
أصبغ : إن كانت الزيادة لا خيار لربها فيها إذا سلمت ، ثم رجع بها سالمة إلى الموضع الذي تكارى إليه فماتت ، أو ماتت في الطريق إلى الموضع الذي تكارى إليه ، فليس إلا كراء الزيادة ; لاستيفائه منفعة الزيادة ، وضعف التعدي لعدم الخيار ، وكرده لما تلف من الوديعة ، ولو كانت الزيادة يسيرة لم تعن على الهلاك فهلكت بعد ردها إلى الموضع المأذون بغير صنعه ، فهو كهلاك تسلف الوديعة بعد رده ، وإن كانت الزيادة مما تعين على الهلاك كاليوم فإن لا يضمن في ذلك لو
[ ص: 263 ] ردها لحالها فإنه يضمن هاهنا ; لإعانتها على الهلاك .
فرع
في الكتاب : يعاقب
nindex.php?page=treesubj&link=23648مدعي الغصب على من لا يتهم به ; لجنايته على عرضه مع تكذيبه بظاهر الحال ، والمتهم ينظر فيه الإمام ويحلفه لاحتمال أن يعترف ، فإن نكل لم يقض عليه حتى ترد اليمين على المدعي كما ترد في الحقوق ، قال
ابن يونس : الذي يليق به ذلك يهدد ويسجن ، ويحلف ، ولا يهدد فيما لا يعرف بعينه ; لأن إخراجه لا يوجب أخذه حتى يقر آمنا ، وإذا أقر مكرها في المعين أفاد ; لأنه معروف فكيفما ظفر به أخذ ، وإن من أوساط الناس لا يليق به ذلك لا يحلف ولا يلزم راميه بذلك شيء ، أو من أهل الخير أدب ; لأنه ظاهر الحال يكذبه ، ومنع
أشهب التأديب واليمين مطلقا إذا لم يحقق عليه الدعوى ; لأن الأصل عدم سبب ذلك .
فرع
في الكتاب :
nindex.php?page=treesubj&link=23648قال غصبتك ، هذا الخاتم وفصه لي ، أو هذه الجبة وبطانتها لي ، أو هذه الدار وبناؤها لي ، لم يصدق إلا أن يكون نسقا ، مؤاخذة له بإقراره ، والرجوع عن الإقرار غير مسموع .
فرع
قال
ابن يونس : قال
مالك : إذا بنيت في أرضه وهو حاضر يراك ، ثم نازعك فلك قيمة ما أنفقت ; لأن الأصل عدم الرضا . قال
ابن القاسم : ذلك في فيافي الأرض ، وحيث لا يظن أن تلك الأرض لأحد ، ولو بنى أيضا في مثل ذلك المكان الذي يجوز إحياء مثله ولم يعلم صاحبه ، لم يكن له إخراجه إلا أن يغرم القيمة مبنية ، وأما المتعدي فيهدم بناؤه ، ويقلع غرسه ، إلا أن يعطي المالك قيمته
[ ص: 264 ] مقلوعا ، قال
ابن القاسم : لو بنى أو غرس في أرض امرأته أو دارها ، ثم يموت أحدهما ; فللزوج أو لورثته على الزوجة أو ورثتها قيمة البناء مقلوعا ، وإنما جاز له فيما غرس من مال امرأته حال المرتفق بالعارية يغرس فيها أو يبني ، إلا أن شهدت بينة بإنفاقه في ذلك من مالها ، فكيف البناء والغرس ، فإن ادعت أنه من مالها من غير بينة حلف ، أو من يظن به العلم من بالغي ورثته أنه لا يعلم دعواها وأخذ النقض ، ولها إعطاء قيمته مقلوعا .
فرع
قال : قال
مالك : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=25918بنيت في أرضك المشتركة ، أو غرست فلتقتسما . فإن صار بناؤك فيما وقع لك فهو لك ، وعليك كراء حصة شريكك فيما خلا ، أو فيما وقع له خير في إعطائك قيمة ذلك مقلوعا ، أو إخلاء الأرض وله عليك من الكراء بقدر حصته ، قال
ابن يونس :
ولابن القاسم في المدونة خلاف هذا ، قال
ابن القاسم : وكذلك لو بنى أحد الورثة قبل القسم ، وإن استغل الثاني من ذلك شيئا قبل القسم ، وهم حضور فلا شيء لهم ، وكانوا أذنوا له ، وإن كانوا غيبا فلهم بقدر كراء الأرض بغير البناء ، قال
عبد الملك : وكذلك الشريك إذا كان حاضرا لا ينكر فهو كالإذن ، ويعطيه قيمة البناء قائما ، قال
ابن القاسم : بل مقلوعا ، ومنشأ الخلاف : هل السكوت من الحاضر العلم إذن أم لا ؟ وكذلك اختلفوا في الباني في أرض زوجته .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : في
nindex.php?page=treesubj&link=10678رجلين تداعيا في أرض فزرعها أحدهما فنبتت فقلب الآخر ما نبت وزرع غيره ، ثم نبتت للأول في أوان الحرث فله الكراء على الثاني ; لأنه غير غاصب ، والزرع للثاني ، وعليه قيمة بذر الأول على الرجاء والخوف ; لأنه أتلفه ، وإن أنبتت الاستحقاق بعد الإبان فلا كراء له على الثاني ، والزرع للثاني ، وعلى الثاني قيمة بذر الأول ، ولو كان غاصبا كان لربها في الإبان قلع الزرع إلا أن يشاء أخذ كراء الأرض إذا كان قد بلغ النفع به .
[ ص: 265 ] فرع
قال : قال
عبد الملك : في
nindex.php?page=treesubj&link=10188_10196قوم أغاروا على منزل رجل والناس ينظرون فذهبوا بما فيه ، ولا يشهدوا بأعيان المنهوب لكن بالغارة والنهب ، فلا يعطى المنتهب منه بيمينه ، وإن ادعى ما يشبه إلا ببينة . وقاله
ابن القاسم محتجا بقول
مالك في
nindex.php?page=treesubj&link=10188_10196منتهبي الصرة يختلفان في عددها : إن القول قول المنتهب مع يمينه ، وقال
مطرف : يحلف المغار عليه على ما ادعى إن أشبه أن مثله يملكه ، وإذا أخذ واحد من المغيرين ضمن جميع ما أغاروا عليه مما تثبت معرفته ، أو ما حلف المغار عليه مما يشبه ملكه ; لأن بعضهم يعين بعضا كالسراق والمحاربين ، قاله
مطرف ، وعن
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23649أقر بغصب عبد هو ورجلان سماهما ، فصدقه رب العبد ، فإن هذا يضمن جميع العبد ، ولا يلتفت إلى من غصب معه ، إلا أن تقوم عليهم بينة أو يقروا ، ولو كان بعضهم مليا ، والباقون معدومون أخذ من المليء جميع العبد ، ويطلب هو وأصحابه .
فرع
قال : قال
ابن القاسم : السلطان أو الوالي المعروف بالظلم في الأموال يدعى عليه الغصب لا يحكم عليه إلا بالعدول كغيره ، والمشهور بالظلم والاستطالة بالسلطان على أموال الناس تشهد البينة العادلة أن المدعى به ملكه ، وأنه في يد هذا الظالم ، ولا يعلمون بأي طريق صار إليه ، يأخذ المدعي إلا أن يشهد بأنه ملك الظالم ، فإن شهد بالبيع . وقال المدعي : بعت خائفا وهو من أهل السطوة يفسخ البيع ، فإن ادعى أنه رد الثمن مكرها بالتهديد باطنا يحلف الظالم ويبرأ ; لأن الأصل عدم ذلك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23648عزل الظالم في الأموال وشهد بما في يديه أنه كان ملك زيد ، كلف الظالم البينة بما صار إليه وإلا أخذ منه ، ولو شهد للظالم
[ ص: 266 ] بالحيازة عشرين سنة بحضرة المدعي لا يقضى له بذلك ، ولو مات أقام الورثة البينة أن هذه الدور كانت لأبيهم ، لا يكلفوا البينة بأي طريق صارت إليه كما كان أبوهم يكلف ; لأنه شيء نشأ في ملكهم كالغاصب في الغلة وفيما غرس حتى تقوم البينة بالغصب ، وإلا لم يكن عليه غلة ويأخذ قيمة الغرس قائما حتى يشهد بالغصب ، فيأخذ قيمته مقلوعا ويرجع عليه بالغلات ، وتقوى أمر الغلة بالخلاف فيها .
فرع
قال : قال
عبد الملك :
nindex.php?page=treesubj&link=23648حيازة الدار عشرين سنة مع البناء والغرس لا يمنع بينة جاره أنه غصبه أو على إقراره بالغصب ، وإن كان عالما ببينة ; لأن الأصل هذه ( الحيازة علم ، فإن رجع الظالم سخط القدرة ) يقدر عليه ، أو ورث ذلك ورثته فاقتسموه بحضرته فهو على حقه إلا أن يبيعوا أو يصدقوا أو يهبوا وربه عالم بذلك ، لا عذر له ، فذلك إذا طال من بعد هذا يقطع حجته ، ولا يضر بينة الغصب ترك الإعلام بما عندهم بالشهادة إن كان عالما بها أو غير عالم ، لكن الظالم لا ينصف منه ، وإلا فهي ساقطة .
فرع
قال صاحب النوادر : قال
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16760أرسل نارا في أرضه بحيث لا تصل فوصلت بحمل الريح لم يضمن لعدم التغرير ، أو بحيث تصل ضمن ، ودية من مات على عاقلته ، وإن أغفلت أمر ماء أرضك ضمنت ، وإن كان قيمك هو الذي يلي ذلك ضمن دونك ، وإن تحامل الماء على الجسور بغير سبب منك لم تضمن .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : إن قاموا لدفع النار عن زرعهم فماتوا فهم هدر .
[ ص: 267 ] فرع
قال : قال
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=10726شهدوا بغصب الجارية دون قيمتها . وصفها الغاصب وقومت ، قال
أشهب : بقيمتها يوم الغصب ، فإن لم توصف بصفة جعلت من أوضع الجواري ; لأن الأصل براءة الذمة من الزائد ، وإذا اختلفا في الصفة صدق الغاصب مع يمينه ، وإن لم يأت بما يشبه صدق الآخر مع يمينه ، كما يقبل قول المنتهب للصرة في عددها ، قال
أشهب : يصدق الغاصب مع يمينه ، وإن ادعى أدنى الصفات ، إنما يراعي الأشبه في اختلاف المتبايعين في الثمن والسلعة قائمة معلومة الحال ، والمغصوب لا يعلم حاله إلا بما يقر به الغاصب .
فرع
قال : قال
ابن القاسم :
nindex.php?page=treesubj&link=23650الشهادة بغصب أرض لا يعرفون موضعها باطلة ، بخلاف التعيين مع الجهل بالحدود ، ويضيق عليه حتى يبين له حقه ، ولا يقضى له بينة أو إقرار ، ويحلف المقر أن هذا حقك ، قال
أصبغ : أو يشهد غيرهم بالحدود فيقضى بذلك ، فإن ضيق عليه بالسجن وغيره ولم يقر بشيء حلف على الجميع كما يحلف المدعى عليه بغير بينة ، وتسقط الشهادة ، قال
ابن القاسم : فإن
nindex.php?page=treesubj&link=23650تعارضت بينتان في الشراء والغصب وشكت بينة الشراء هل هو بعد الغصب أم لا ؟ تقدم الشراء ; لأنه كان بعد ، فقد ثبت الملك . أو قبل ، فشهادة الغصب باطلة .
فرع
قال في الموازية : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=16760قلت له : أغلق باب داري فإن فيها دوابي ، فقال : فعلت ولم يفعل متعمدا للترك حتى ذهبت الدواب لم يضمن ; لأنه لا يجب عليه امتثال أمرك ، وكذلك قفص الطائر ، ولو أنه هو الذي أدخل الدواب أو الطائر القفص وتركهما مفتوحين ، وقد قلت له : أغلقهما لضمن ، إلا أن يكون ناسيا ; لأن مباشرته لذلك تصيره أمانة تحت حفظه ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16760قلت له : صب النجاسة من هذا الإناء ، فقال : فعلت . ولم يفعل ، فصببت مائعا فتنجس ، لا يضمن إلا أن يصب هذا المائع لما تقدم ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16760قلت : احرس ثيابي حتى أقوم من النوم أو أرجع من [ ص: 268 ] الحاجة فتركها فسرقت ، ضمن لتفريطه في الأمانة ، ولو غلب عليه نوم قهره لم يضمن ، وكذلك لو رأى أحدا يأخذ ثوبه غصبا ، إلا أن يكون لا يخافه ، وهو مصدق في ذلك ; لأن براءة ذمته ، وكذلك يصدق في قهر النوم له ، ولو قال لك : أين أصب زيتك ؟ فقلت : انظر هذه الجرة ، إن كانت صحيحة فصب فيها ، ونسي النظر إليها وهي مكسورة ، ضمن ; لأنك لم تأذن له إلا في الصب في الصحيحة ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=16760قلت له : خذ هذا القيد فقيد هذه الدابة ، فأخذ القيد ولم يفعل حتى هربت الدابة ، لم يضمن ; لأنك لم تدفع الدابة ، بخلاف الطائر ، هو جعله في القفص ، فلو دفعت إليه الدابة ضمن ، وكذلك لو دفعت إليه العلف والدابة ، فترك علفها ضمنها ، ولو دفعت إليه العلف وحده فتركها بلا علف حتى ماتت جوعا وعطشا لم يضمن ، ولو قلت : تصدق بهذا على المساكين ، فتصدق به . وقال : اشهدوا أني تصدقت به عن نفسي ، أو عن رجل آخر ، فلا شيء عليه عند
أشهب ، والصدقة عنك ; لأنه كالآلة ، فلا تعتبر نيته ، ولو قلت له : شد حوضي وصب فيه راوية ، فصبها قبل الشد ضمن ; لأنك لم تأذن له في الصب إلا بعد الشد ، فالصب قبله غير مأذون فيه بعد .
وكذلك إن كان صحيحا فصب فيه فنسي أو تعمد الصب قبل النظر ، وكذلك صب فيه إن كان رخاما ، فصب فيه وهو فخار ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابن كنانة : إذا قال
الصيرفي : هو جيد وهو رديء ضمن ; لأنه غرر ، ولم يضمنه
ابن القاسم ، وإن غر بك يؤدب ، وكذلك يجري الخلاف فيما تقدم مما غر فيه بلسانه ،
ولمالك في تضمين
الصيرفي إذا غر بجهله قولان ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : والصحيح التضمين إذا غر من نفسه ، قال
ابن دينار : إن أخطأ فيما يختلف فيه لم يضمن ، أو في البين الظاهر ضمن ؛ لتقصيره ، ولو دل اللص والغاصب القاهر على مال فللمتأخرين في تضمين
[ ص: 269 ] الدار قولان ، وإن أقر لك بالرق والملك على أن يقاسمك الثمن ففعلت ، ثم اطلع على ذلك وقد هلكت ، ضمن هو ما أتلف على المشتري . وقاله
محمد : في الحر يباع في المغانم وهو ساكت ، إلا أن يجهل مثله ذلك ، واختلف فيمن اعتدى على رجل عند السلطان المتجاوز إلى الظلم في المال مع أنه لم يبسط يده إليه ، ولا أمر بشيء ، بل تعدى في تقديمه إليه مع علمه بأنه يظلمه .
فرع
في الجواهر : لو
nindex.php?page=treesubj&link=10707غصب السكنى فقط فانهدمت الدار إلا موضع سكنه لم يضمن ، ولو انهدم سكنه ضمن .
وَفِي الْكِتَابِ بَابَانِ : الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الضَّمَانِ
وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=16730الرُّكْنُ الْأَوَّلُ : الْمُوجِبُ . وَفِي الْجَوَاهِرِ :
nindex.php?page=treesubj&link=16760أَسْبَابُ الضَّمَانِ ثَلَاثَةٌ ، التَّفْوِيتُ مُبَاشَرَةً ، وَالتَّسَبُّبُ ، وَالْيَدُ غَيْرُ الْمُؤْمَنَةِ . فَيَنْدَرِجُ الْغَاصِبُ وَالْمُتَعَدِّي وَالْمُسْتَامُّ إِذَا تَلِفَ تَحْتَ يَدِهِ ، وَهِيَ خَيْرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ : الْيَدُ الْعَادِيَّةُ ; لِأَنَّهَا لَا تَعُمُّ ، وَحَدُّ الْمُبَاشَرَةِ : اكْتِسَابُ عِلَّةِ التَّلَفِ ، وَهِيَ مَا يُقَالُ عَادَةً : حَصَلَ الْهَلَاكُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَوَسُّطٍ ، وَالسَّبَبُ : مَا يَحْصُلُ الْهَلَاكُ عِنْدَهُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى إِذَا كَانَ السَّبَبُ هُوَ الْمُقْتَضِيَ لِوُقُوعِ
[ ص: 260 ] الْفِعْلِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=16760كَحَفْرِ الْبِئْرِ فِي مَحَلِّ عُدْوَانٍ فَتَتَرَدَّى فِيهِ بَهِيمَةٌ أَوْ غَيْرُهَا ، فَإِنْ أَرْدَاهَا غَيْرُ الْحَافِرِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْمُرْدِي تَقْدِيمًا لِلْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ . وَيُضْمَنُ الْمُكْرَهُ عَلَى إِتْلَافِ الْمَالِ ; لِأَنَّ الْإِكْرَاهَ سَبَبٌ ، وَعَلَى فَاتِحِ الْقَفَصِ بِغَيْرِ إِذْنِ رَبِّهِ فَيَطِيرُ مَا فِيهِ حَتَّى لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِ ، وَالَّذِي
nindex.php?page=treesubj&link=16763حَلَّ دَابَّةً مِنْ رِبَاطِهَا أَوْ عَبْدًا مُقَيَّدًا خَوْفَ الْهَرَبِ فَيَهْرُبُ ; لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ كَانَ الطَّيَرَانُ وَالْهَرَبُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ وَالْحَلِّ أَوْ بَعْدَهُ ، وَكَذَلِكَ السَّارِقُ ، يَتْرُكُ الْبَابَ مَفْتُوحًا وَمَا فِي الدَّارِ أَحَدٌ ،
nindex.php?page=treesubj&link=16763وَالْفَاتِحُ دَارًا فِيهَا دَوَابُّ فَتَهْرُبُ وَلَيْسَ فِيهَا أَرْبَابُهَا ، ضَمِنَ ، وَإِلَّا فَلَا ; لِوُجُودِ الْحَافِظِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِنْ كَانَتِ الدَّوَابُّ مُسْرَجَةً ضَمِنَ . وَإِنْ كَانَ رَبُّ الدَّارِ فِيهَا لِتَيَسُّرِ الْخُرُوجِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْفَتْحِ . وَفِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ : لَوْ كَانَ رَبُّهَا فِيهَا نَائِمًا لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ تَرَكَ الْبَابَ مَفْتُوحًا فَخَرَجَتِ الدَّوَابُّ ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَرْبَابُهَا ، قَالَ
التُّونُسِيُّ : الضَّمَانُ وَإِنْ كَانَ أَرْبَابُهَا فِيهَا ، لِأَنَّهُمُ اعْتَمَدُوا عَلَى الْبَابِ فَهُوَ الْمُتَسَبِّبُ فِي ذَهَابِ الدَّوَابِّ ، وَوَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ ، وَقَالَ ( ش ) : إِذَا طَارَ الْحَيَوَانُ عُقَيْبَ الْفَتْحِ ضَمِنَ وَإِلَّا فَلَا ، وَقَالَ ( ح ) : لَا يَضْمَنُ إِلَّا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16763الزِّقِّ إِذَا حَلَّهُ فَيَتَبَدَّدُ مَا فِيهِ ، وَبِخِلَافِ الْمُتَرَدِّي ، فَإِنَّ الْمُتَرَدِّيَ فِي الْبِئْرِ لَا يَقْصِدُ التَّرَدِّيَ ، وَالْحَيَوَانُ مُسْتَقِلٌّ بِإِرَادَةِ الْحَرَكَةِ ، وَقَالَ ( ش ) :
nindex.php?page=treesubj&link=16760لَوْ حَلَّ وِكَاءَ الزِّقِّ الْمُنْتَصِبِ فَطَرَحَتْهُ الرِّيحُ فَلَا ضَمَانَ ; لِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِسَبَبِ الرِّيحِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةِ الْحَرَكَةِ ، فَلَا ضَمَانَ فِي أَيِّ زَمَانٍ تَكُونُ ، وَإِذَا تَحَرَّكَتْ فَغَيْرُ مَعْلُومَةِ النُّهُوضِ لِلْإِرَاقَةِ بِخِلَافِ حَرِّ الشَّمْسِ أَذَابَتَهَا فِي الزِّقِّ ; لِأَنَّهُ مَعْلُومُ الْحُصُولِ ، فَالتَّغْرِيرُ فِيهِ مُتَعَيَّنٌ فَيَضْمَنُ .
لَنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ " وَهَذَا ظَالِمٌ فَيَكُونُ عَلَيْهِ السَّبِيلُ ، وَلَا سَبِيلَ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا الْغُرْمُ فَيَغْرَمُ ، أَوْ نَقُولُ : فَيَنْدَرِجُ الْغُرْمُ فِي عُمُومِ السَّبِيلِ فَيَغْرَمُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ "
[ ص: 261 ] فَمُقْتَضَاهُ : أَنْ يَفْتَحَ لَهُ قَفَصًا كَمَا فَتَحَ فَيَذْهَبُ مَالُهُ ، لَكِنْ سَقَطَ فَتْحُ الْقَفَصِ بِالْإِجْمَاعِ ، وَبَقِيَ غُرْمُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِ الْوُجُوبِ وَالْقِيَاسُ عَلَى حَلِّ الزِّقِّ وَالتَّرَدِّي فِي الْبِئْرِ ، أَوْ عَلَى مَا إِذَا فَتَحَ الْقَفَصَ وَهَيَّجَهُ فَطَارَ ، أَوْ فَتَحَ بَابَ مُرَاحِهِ فَخَرَجَتِ الْمَاشِيَةُ فَأَفْسَدَتِ الزَّرْعَ ; فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ .
احْتَجُّوا بِأَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَ السَّبَبُ وَالْمُبَاشَرَةُ اعْتُبِرَتِ الْمُبَاشَرَةُ دُونَهُ . وَالطَّيْرُ مُبَاشِرٌ بِاخْتِيَارِهِ لِحَرَكَةِ نَفْسِهِ ، كَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=16760حَفَرَ بِئْرًا عُدْوَانًا فَدَفَعَ غَيْرُ الْحَافِرِ فِيهَا إِنْسَانًا ، فَإِنَّ الدَّافِعَ يَضْمَنُ دُونَ الْحَافِرِ ، أَوْ طَرَحَ رَجُلٌ فِيهَا نَفْسَهُ ، وَالْحَيَوَانُ قَصْدُهُ مُعْتَبَرٌ بِدَلِيلِ جَوَارِحِ الصَّيْدِ إِنْ أَمْسَكَتْ لِأَنْفُسِهَا لَا يُؤْكَلُ الصَّيْدُ ، أَوْ لِلصَّائِدِ أُكِلَ .
وَالْجَوَابُ : لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الطَّائِرَ مُخْتَارٌ لِلطَّيَرَانِ ، وَلَعَلَّهُ حِينَئِذٍ كَانَ يَخْتَارُ لِانْتِظَارِ الْعَلَفِ أَوْ خَوْفَ الْكَوَاسِرِ ، وَإِنَّمَا طَارَ خَوْفًا مِنَ الْفَاتِحِ فَيَصِيرُ مُلْجَأً لِلطَّيَرَانِ ، وَإِذَا جَازَ وَجَازَ وَالتَّسَبُّبُ مَعْلُومٌ فَيُضَافُ الضَّمَانُ إِلَيْهِ ، كَمَا يَجِبُ عَلَى حَافِرِ الْبِئْرِ يَقَعُ فِيهَا حَيَوَانٌ مَعَ إِمْكَانِ اخْتِيَارِهِ لِنُزُولِهَا لِتَفْرِيخِ خَلْقِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الصَّيْدَ يُؤْكَلُ إِذَا أَكَلَ مِنْهُ الْجَارِحُ ، سَلَّمْنَاهُ لَكِنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالسَّبَبِ الَّذِي تَوَصَّلَ بِهِ الطَّائِرُ لِمَقْصِدِهِ ، كَمَنْ أَرْسَلَ بَازِيًّا عَلَى طَيْرِ غَيْرِهِ فَقَتَلَهُ الْبَازِيُّ بِاخْتِيَارِهِ ، فَإِنَّ الْمُرْسِلَ يَضْمَنُ . وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ اخْتِيَارِ الْحَيَوَانِ ، ثُمَّ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْفَتْحَ سَبَبٌ مُجَرَّدٌ ، بَلْ هُوَ فِي مَعْنَى الْمُبَاشَرَةِ لِمَا فِي طَبْعِ الطَّائِرِ مِنَ النُّفُورِ مِنَ الْآدَمِيِّ ، وَأَمَّا إِلْقَاءُ غَيْرِ حَافِرِ الْبِئْرِ إِنْسَانًا ، أَوْ إِلْقَاؤُهُ هُوَ لِنَفْسِهِ فَالْفَرْقُ : أَنَّ قَصْدَ الطَّائِرِ وَنَحْوِهِ ضَعِيفٌ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349602جُرْحُ الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ ) وَالْآدَمِيُّ يَضْمَنْ قَصَدَ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ .
[ ص: 262 ] فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=10707_10726مَوْتُ الْحَيَوَانِ ، وَانْهِدَامُ الْعَقَارِ بِفَوْرِ الْغَصْبِ أَوْ بَعْدَهُ بِغَيْرِ سَبَبِ الْغَاصِبِ يَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْغَصْبِ .
تَمْهِيدٌ ، وَفِيهِ قَاعِدَةٌ أُصُولِيَّةٌ وَهِيَ : أَنَّ تَرَتُّبَ الْحُكْمِ عَلَى الْوَصْفِ يَدُلُّ عَلَى عِلِّيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ ، وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349440عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تَرُدَّهُ ) فِيهِ لَفْظُ " عَلَى " الدَّالُّ عَلَى اللُّزُومِ وَالْوُجُوبِ ، وَقَدْ رَتَّبَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى وَصْفِ الْأَخْذِ ، فَيَكُونُ وَضْعُ الْيَدِ لِلْأَخْذِ سَبَبَ الضَّمَانِ .
وَلَنَا : قَاعِدَةٌ أُخْرَى أُصُولِيَّةٌ فِقْهِيَّةٌ وَهِيَ : أَنَّ الْأَصْلَ تَرَتُّبُ الْمُسَبَّبَاتِ عَلَى أَسْبَابِهَا مِنْ غَيْرِ تَرَاخٍ ، فَيَتَرَتَّبُ الضَّمَانُ حِينَ وَضْعِ الْيَدِ ، فَلِذَلِكَ ضَمِنَّا بِوَضْعِ الْيَدِ ، وَأَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ .
فَرْعٌ
قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=16760_6455اسْتَعَارَ دَابَّةً إِلَى مَنْزِلِهِ فَبَلَغَهَا ، ثُمَّ تَنَحَّى قُرْبَهَا فَنَزَلَ فِيهِ فَهَلَكَتْ فِي رُجُوعِهَا ، فَإِنْ كَانَ مَا تَنَحَّى إِلَيْهِ مِنْ مُعَادِ النَّاسِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَإِنْ جَاوَزَ مَنَازِلَ النَّاسِ ضَمِنَ . قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
أَصْبَغُ : إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ لَا خِيَارَ لِرَبِّهَا فِيهَا إِذَا سَلِمَتْ ، ثُمَّ رَجَعَ بِهَا سَالِمَةً إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ فَمَاتَتْ ، أَوْ مَاتَتْ فِي الطَّرِيقِ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي تَكَارَى إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ إِلَّا كَرَاءُ الزِّيَادَةَ ; لِاسْتِيفَائِهِ مَنْفَعَةَ الزِّيَادَةِ ، وَضَعُفَ التَّعَدِّي لِعَدَمِ الْخِيَارِ ، وَكَرَدِّهِ لِمَا تَلِفَ مِنَ الْوَدِيعَةِ ، وَلَوْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً لَمْ تُعِنْ عَلَى الْهَلَاكِ فَهَلَكَتْ بَعْدَ رَدِّهَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَأْذُونِ بِغَيْرِ صُنْعِهِ ، فَهُوَ كَهَلَاكِ تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ بَعْدَ رَدِّهِ ، وَإِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ مِمَّا تُعِينُ عَلَى الْهَلَاكِ كَالْيَوْمِ فَإِنْ لَا يَضْمَنُ فِي ذَلِكَ لَوْ
[ ص: 263 ] رَدَّهَا لِحَالِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ هَاهُنَا ; لِإِعَانَتِهَا عَلَى الْهَلَاكِ .
فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ : يُعَاقَبُ
nindex.php?page=treesubj&link=23648مُدَّعِي الْغَصْبِ عَلَى مَنْ لَا يُتَّهَمُ بِهِ ; لِجِنَايَتِهِ عَلَى عَرْضِهِ مَعَ تَكْذِيبِهِ بِظَاهِرِ الْحَالِ ، وَالْمُتَّهَمُ يَنْظُرُ فِيهِ الْإِمَامُ وَيُحَلِّفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْتَرِفَ ، فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ حَتَّى تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي كَمَا تُرَدُّ فِي الْحُقُوقِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : الَّذِي يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ يُهَدَّدُ وَيُسْجَنُ ، وَيَحْلِفُ ، وَلَا يُهَدَّدُ فِيمَا لَا يَعْرِفُ بِعَيْنِهِ ; لِأَنَّ إِخْرَاجَهُ لَا يُوجِبُ أَخْذَهُ حَتَّى يُقِرَّ آمِنًا ، وَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا فِي الْمُعَيَّنِ أَفَادَ ; لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ فَكَيْفَمَا ظَفِرَ بِهِ أَخَذَ ، وَإِنَّ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ لَا يَلِيقُ بِهِ ذَلِكَ لَا يُحَلَّفُ وَلَا يَلْزَمُ رَامِيَهِ بِذَلِكَ شَيْءٌ ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ أُدِّبَ ; لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْحَالِ يُكَذِّبُهُ ، وَمَنَعَ
أَشْهَبُ التَّأْدِيبَ وَالْيَمِينَ مُطْلَقًا إِذَا لَمْ يُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ سَبَبِ ذَلِكَ .
فَرْعٌ
فِي الْكِتَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23648قَالَ غَصَبْتُكَ ، هَذَا الْخَاتَمُ وَفَصُّهُ لِي ، أَوْ هَذِهِ الْجُبَّةُ وَبِطَانَتُهَا لِي ، أَوْ هَذِهِ الدَّارُ وَبِنَاؤُهَا لِي ، لَمْ يُصَدَّقْ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَسَقًا ، مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ ، وَالرُّجُوعُ عَنِ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مَسْمُوعٍ .
فَرْعٌ
قَالَ
ابْنُ يُونُسَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا بَنَيْتَ فِي أَرْضِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ يَرَاكَ ، ثُمَّ نَازَعَكَ فَلَكَ قِيمَةُ مَا أَنْفَقْتَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الرِّضَا . قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : ذَلِكَ فِي فَيَافِي الْأَرْضِ ، وَحَيْثُ لَا يُظَنُّ أَنَّ تِلْكَ الْأَرْضَ لِأَحَدٍ ، وَلَوْ بَنَى أَيْضًا فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ الَّذِي يَجُوزُ إِحْيَاءُ مِثْلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُهُ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِخْرَاجُهُ إِلَّا أَنْ يَغْرَمَ الْقِيمَةَ مَبْنِيَّةً ، وَأَمَّا الْمُتَعَدِّي فَيُهْدَمُ بِنَاؤُهُ ، وَيُقْلَعُ غَرْسُهُ ، إِلَّا أَنْ يُعْطِيَ الْمَالِكَ قِيمَتَهُ
[ ص: 264 ] مَقْلُوعًا ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : لَوْ بَنَى أَوْ غَرَسَ فِي أَرْضِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَارِهَا ، ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا ; فَلِلزَّوْجِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ عَلَى الزَّوْجَةِ أَوْ وَرَثَتِهَا قِيمَةُ الْبِنَاءِ مَقْلُوعًا ، وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ فِيمَا غَرَسَ مِنْ مَالِ امْرَأَتِهِ حَالُ الْمُرْتَفِقِ بِالْعَارِيَةِ يَغْرِسُ فِيهَا أَوْ يَبْنِي ، إِلَّا أَنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِإِنْفَاقِهِ فِي ذَلِكَ مِنْ مَالِهَا ، فَكَيْفَ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ ، فَإِنِ ادَّعَتْ أَنَّهُ مِنْ مَالِهَا مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ حَلَفَ ، أَوْ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ بَالِغِي وَرَثَتِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ دَعْوَاهَا وَأَخَذَ النَّقْضَ ، وَلَهَا إِعْطَاءُ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=25918بَنَيْتَ فِي أَرْضِكَ الْمُشْتَرَكَةِ ، أَوْ غَرَسْتَ فَلْتَقْتَسِمَا . فَإِنْ صَارَ بِنَاؤُكَ فِيمَا وَقَعَ لَكَ فَهُوَ لَكَ ، وَعَلَيْكَ كِرَاءُ حِصَّةِ شَرِيكِكَ فِيمَا خَلَا ، أَوْ فِيمَا وَقَعَ لَهُ خُيِّرَ فِي إِعْطَائِكَ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا ، أَوْ إِخْلَاءِ الْأَرْضِ وَلَهُ عَلَيْكَ مِنَ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ ، قَالَ
ابْنُ يُونُسَ :
وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : وَكَذَلِكَ لَوْ بَنَى أَحَدُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ الْقَسْمِ ، وَإِنِ اسْتَغَلَّ الثَّانِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَبْلَ الْقَسْمِ ، وَهُمْ حُضُورٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ ، وَكَانُوا أَذِنُوا لَهُ ، وَإِنْ كَانُوا غَيْبًا فَلَهُمْ بِقَدْرِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْبِنَاءِ ، قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ إِذَا كَانَ حَاضِرًا لَا يُنْكِرُ فَهُوَ كَالْإِذْنِ ، وَيُعْطِيهِ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : بَلْ مَقْلُوعًا ، وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ : هَلِ السُّكُوتُ مِنَ الْحَاضِرِ الْعِلْمِ إِذْنٌ أَمْ لَا ؟ وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْبَانِي فِي أَرْضِ زَوْجَتِهِ .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10678رَجُلَيْنِ تَدَاعَيَا فِي أَرْضٍ فَزَرَعَهَا أَحَدُهُمَا فَنَبَتَتْ فَقَلَبَ الْآخَرُ مَا نَبَتَ وَزَرَعَ غَيْرُهُ ، ثُمَّ نَبَتَتْ لِلْأَوَّلِ فِي أَوَانِ الْحَرْثِ فَلَهُ الْكِرَاءُ عَلَى الثَّانِي ; لِأَنَّهُ غَيْرُ غَاصِبٍ ، وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ; لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ ، وَإِنْ أَنْبَتَتِ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ الْإِبَّانِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ عَلَى الثَّانِي ، وَالزَّرْعُ لِلثَّانِي ، وَعَلَى الثَّانِي قِيمَةُ بَذْرِ الْأَوَّلِ ، وَلَوْ كَانَ غَاصِبًا كَانَ لِرَبِّهَا فِي الْإِبَّانِ قَلْعُ الزَّرْعِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ أَخْذَ كِرَاءِ الْأَرْضِ إِذَا كَانَ قَدْ بَلَغَ النَّفْعُ بِهِ .
[ ص: 265 ] فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10188_10196قَوْمٍ أَغَارُوا عَلَى مَنْزِلِ رَجُلٍ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ فَذَهَبُوا بِمَا فِيهِ ، وَلَا يَشْهَدُوا بِأَعْيَانِ الْمَنْهُوبِ لَكِنْ بِالْغَارَةِ وَالنَّهْبِ ، فَلَا يُعْطَى الْمُنْتَهَبُ مِنْهُ بِيَمِينِهِ ، وَإِنِ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ . وَقَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ مُحْتَجًّا بِقَوْلِ
مَالِكٍ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10188_10196مُنْتَهِبِي الصُّرَّةِ يَخْتَلِفَانِ فِي عَدَدِهَا : إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ مَعَ يَمِينِهِ ، وَقَالَ
مُطَرِّفٌ : يَحْلِفُ الْمُغَارُ عَلَيْهِ عَلَى مَا ادَّعَى إِنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يَمْلِكُهُ ، وَإِذَا أَخَذَ وَاحِدٌ مِنَ الْمُغِيرِينَ ضَمِنَ جَمِيعَ مَا أَغَارُوا عَلَيْهِ مِمَّا تَثْبُتُ مَعْرِفَتُهُ ، أَوْ مَا حَلَفَ الْمُغَارُ عَلَيْهِ مِمَّا يُشْبِهُ مِلْكَهُ ; لِأَنَّ بَعْضَهُمْ يُعِينُ بَعْضًا كَالسُّرَّاقِ وَالْمُحَارِبِينَ ، قَالَهُ
مُطَرِّفٌ ، وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23649أَقَرَّ بِغَصْبِ عَبْدٍ هُوَ وَرَجُلَانِ سَمَّاهُمَا ، فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْعَبْدِ ، فَإِنَّ هَذَا يَضْمَنُ جَمِيعَ الْعَبْدِ ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَى مَنْ غَصَبَ مَعَهُ ، إِلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِمْ بَيِّنَةٌ أَوْ يُقِرُّوا ، وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ مَلِيًّا ، وَالْبَاقُونَ مَعْدُومُونَ أَخَذَ مِنَ الْمَلِيءِ جَمِيعَ الْعَبْدِ ، وَيَطْلُبُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : السُّلْطَانُ أَوِ الْوَالِي الْمَعْرُوفُ بِالظُّلْمِ فِي الْأَمْوَالِ يُدَّعَى عَلَيْهِ الْغَصْبُ لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ إِلَّا بِالْعُدُولِ كَغَيْرِهِ ، وَالْمَشْهُورُ بِالظُّلْمِ وَالِاسْتِطَالَةِ بِالسُّلْطَانِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ تَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ الْعَادِلَةُ أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مَلَكَهُ ، وَأَنَّهُ فِي يَدِ هَذَا الظَّالِمِ ، وَلَا يَعْلَمُونَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَ إِلَيْهِ ، يَأْخُذُ الْمُدَّعِيَ إِلَّا أَنْ يَشْهَدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الظَّالِمِ ، فَإِنْ شَهِدَ بِالْبَيْعِ . وَقَالَ الْمُدَّعِي : بِعْتُ خَائِفًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِ السَّطْوَةِ يُفْسَخُ الْبَيْعُ ، فَإِنِ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ الثَّمَنَ مُكْرَهًا بِالتَّهْدِيدِ بَاطِنًا يَحْلِفُ الظَّالِمُ وَيَبْرَأُ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ ذَلِكَ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23648عَزَلَ الظَّالِمُ فِي الْأَمْوَالِ وَشَهِدَ بِمَا فِي يَدَيْهِ أَنَّهُ كَانَ مِلْكَ زَيْدٍ ، كُلِّفَ الظَّالِمُ الْبَيِّنَةَ بِمَا صَارَ إِلَيْهِ وَإِلَّا أُخِذَ مِنْهُ ، وَلَوْ شَهِدَ لِلظَّالِمِ
[ ص: 266 ] بِالْحِيَازَةِ عِشْرِينَ سَنَةً بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي لَا يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ ، وَلَوْ مَاتَ أَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّ هَذِهِ الدُّورَ كَانَتْ لِأَبِيهِمْ ، لَا يُكَلَّفُوا الْبَيِّنَةَ بِأَيِّ طَرِيقٍ صَارَتْ إِلَيْهِ كَمَا كَانَ أَبُوهُمْ يُكَلَّفُ ; لِأَنَّهُ شَيْءٌ نَشَأَ فِي مِلْكِهِمْ كَالْغَاصِبِ فِي الْغَلَّةِ وَفِيمَا غَرَسَ حَتَّى تَقُومَ الْبَيِّنَةُ بِالْغَصْبِ ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلَّةٌ وَيَأْخُذُ قِيمَةَ الْغَرْسِ قَائِمًا حَتَّى يَشْهَدَ بِالْغَصْبِ ، فَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا وَيَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالْغَلَّاتِ ، وَتَقْوَى أَمْرُ الْغَلَّةِ بِالْخِلَافِ فِيهَا .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23648حِيَازَةُ الدَّارِ عِشْرِينَ سَنَةً مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لَا يَمْنَعُ بَيِّنَةَ جَارِهِ أَنَّهُ غَصَبَهُ أَوْ عَلَى إِقْرَارِهِ بِالْغَصْبِ ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِبَيِّنَةٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ هَذِهِ ( الْحِيَازَةُ عُلِمَ ، فَإِنْ رَجَعَ الظَّالِمُ سَخِطَ الْقُدْرَةَ ) يَقْدِرُ عَلَيْهِ ، أَوْ وَرِثَ ذَلِكَ وَرَثَتُهُ فَاقْتَسَمُوهُ بِحَضْرَتِهِ فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ إِلَّا أَنْ يَبِيعُوا أَوْ يَصَّدَّقُوا أَوْ يَهَبُوا وَرَبُّهُ عَالِمٌ بِذَلِكَ ، لَا عُذْرَ لَهُ ، فَذَلِكَ إِذَا طَالَ مِنْ بَعْدِ هَذَا يَقْطَعُ حُجَّتَهُ ، وَلَا يَضُرُّ بَيِّنَةَ الْغَصْبِ تَرْكُ الْإِعْلَامِ بِمَا عِنْدَهُمْ بِالشَّهَادَةِ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِهَا أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ ، لَكِنَّ الظَّالِمَ لَا يُنْصَفُ مِنْهُ ، وَإِلَّا فَهِيَ سَاقِطَةٌ .
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ النَّوَادِرِ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16760أَرْسَلَ نَارًا فِي أَرْضِهِ بِحَيْثُ لَا تَصِلُ فَوَصَلَتْ بِحَمْلِ الرِّيحِ لَمْ يَضْمَنْ لِعَدَمِ التَّغْرِيرِ ، أَوْ بِحَيْثُ تَصِلُ ضَمِنَ ، وَدِيَةُ مَنْ مَاتَ عَلَى عَاقِلَتِهِ ، وَإِنْ أَغْفَلْتَ أَمْرَ مَاءِ أَرْضِكَ ضَمِنْتَ ، وَإِنْ كَانَ قَيِّمُكَ هُوَ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ ضَمِنَ دُونَكَ ، وَإِنْ تَحَامَلَ الْمَاءُ عَلَى الْجُسُورِ بِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْكَ لَمْ تَضْمَنْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ : إِنْ قَامُوا لِدَفْعِ النَّارِ عَنْ زَرْعِهِمْ فَمَاتُوا فَهُمْ هَدَرٌ .
[ ص: 267 ] فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=10726شَهِدُوا بِغَصْبِ الْجَارِيَةِ دُونَ قِيمَتِهَا . وَصَفَهَا الْغَاصِبُ وَقُوِّمَتْ ، قَالَ
أَشْهَبُ : بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْغَصْبِ ، فَإِنْ لَمْ تُوصَفْ بِصِفَةٍ جُعِلَتْ مِنْ أَوْضَعِ الْجَوَارِي ; لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنَ الزَّائِدِ ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ صُدِّقَ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمَا يُشْبِهُ صُدِّقَ الْآخَرُ مَعَ يَمِينِهِ ، كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُنْتَهِبِ لِلصُّرَّةِ فِي عَدَدِهَا ، قَالَ
أَشْهَبُ : يُصَدَّقُ الْغَاصِبُ مَعَ يَمِينِهِ ، وَإِنِ ادَّعَى أَدْنَى الصِّفَاتِ ، إِنَّمَا يُرَاعِي الْأَشْبَهَ فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الثَّمَنِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ مَعْلُومَةُ الْحَالِ ، وَالْمَغْصُوبُ لَا يُعْلَمُ حَالُهُ إِلَّا بِمَا يُقِرُّ بِهِ الْغَاصِبُ .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23650الشَّهَادَةُ بِغَصْبِ أَرْضٍ لَا يَعْرِفُونَ مَوْضِعَهَا بَاطِلَةٌ ، بِخِلَافِ التَّعْيِينِ مَعَ الْجَهْلِ بِالْحُدُودِ ، وَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ حَتَّى يَبِينَ لَهُ حَقُّهُ ، وَلَا يُقْضَى لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ إِقْرَارٌ ، وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ أَنَّ هَذَا حَقُّكَ ، قَالَ
أَصْبَغُ : أَوْ يَشْهَدُ غَيْرُهُمْ بِالْحُدُودِ فَيُقْضَى بِذَلِكَ ، فَإِنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ بِالسَّجْنِ وَغَيْرِهِ وَلَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ حَلَفَ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ، وَتَسْقُطُ الشَّهَادَةُ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : فَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=23650تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَشُكَّتْ بَيِّنَةُ الشِّرَاءِ هَلْ هُوَ بَعْدَ الْغَصْبِ أَمْ لَا ؟ تُقَدَّمُ الشِّرَاءُ ; لِأَنَّهُ كَانَ بَعْدَ ، فَقَدْ ثَبَتَ الْمِلْكُ . أَوْ قَبْلُ ، فَشَهَادَةُ الْغَصْبِ بَاطِلَةٌ .
فَرْعٌ
قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16760قُلْتَ لَهُ : أَغْلِقْ بَابَ دَارِي فَإِنَّ فِيهَا دَوَابِّي ، فَقَالَ : فَعَلْتُ وَلَمْ يَفْعَلْ مُتَعَمِّدًا لِلتَّرْكِ حَتَّى ذَهَبَتِ الدَّوَابُّ لَمْ يَضْمَنْ ; لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ امْتِثَالُ أَمْرِكَ ، وَكَذَلِكَ قَفَصُ الطَّائِرِ ، وَلَوْ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَدْخَلَ الدَّوَابَّ أَوِ الطَّائِرَ الْقَفَصَ وَتَرَكَهُمَا مَفْتُوحَيْنِ ، وَقَدْ قُلْتَ لَهُ : أَغْلِقْهُمَا لِضَمِنَ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِيًا ; لِأَنَّ مُبَاشَرَتَهُ لِذَلِكَ تُصَيِّرُهُ أَمَانَةً تَحْتَ حِفْظِهِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16760قُلْتَ لَهُ : صُبَّ النَّجَاسَةَ مِنْ هَذَا الْإِنَاءِ ، فَقَالَ : فَعَلْتُ . وَلَمْ يَفْعَلْ ، فَصَبَبْتَ مَائِعًا فَتَنَجَّسَ ، لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يُصَبَّ هَذَا الْمَائِعُ لِمَا تَقَدَّمَ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16760قُلْتَ : احْرُسُ ثِيَابِي حَتَّى أَقُومَ مِنَ النَّوْمِ أَوْ أَرْجِعَ مِنَ [ ص: 268 ] الْحَاجَةِ فَتَرَكَهَا فَسُرِقَتْ ، ضَمِنَ لِتَفْرِيطِهِ فِي الْأَمَانَةِ ، وَلَوْ غَلَبَ عَلَيْهِ نَوْمٌ قَهَرَهُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَكَذَلِكَ لَوْ رَأَى أَحَدًا يَأْخُذُ ثَوْبَهُ غَصْبًا ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَخَافُهُ ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ ، وَكَذَلِكَ يُصَدَّقُ فِي قَهْرِ النَّوْمِ لَهُ ، وَلَوْ قَالَ لَكَ : أَيْنَ أَصُبُّ زَيْتَكَ ؟ فَقُلْتَ : انْظُرْ هَذِهِ الْجَرَّةَ ، إِنْ كَانَتْ صَحِيحَةً فَصُبَّ فِيهَا ، وَنَسِيَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَهِيَ مَكْسُورَةٌ ، ضَمِنَ ; لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ إِلَّا فِي الصَّبِّ فِي الصَّحِيحَةِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16760قُلْتَ لَهُ : خُذْ هَذَا الْقَيْدَ فَقَيِّدْ هَذِهِ الدَّابَّةَ ، فَأَخَذَ الْقَيْدَ وَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى هَرَبَتِ الدَّابَّةُ ، لَمْ يَضْمَنْ ; لِأَنَّكَ لَمْ تَدْفَعِ الدَّابَّةَ ، بِخِلَافِ الطَّائِرِ ، هُوَ جَعْلُهُ فِي الْقَفَصِ ، فَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الدَّابَّةَ ضَمِنَ ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَالدَّابَّةَ ، فَتَرَكَ عَلَفَهَا ضَمِنَهَا ، وَلَوْ دَفَعْتَ إِلَيْهِ الْعَلَفَ وَحْدَهُ فَتَرَكَهَا بِلَا عَلَفٍ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا وَعَطَشًا لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ قُلْتَ : تَصَدَّقْ بِهَذَا عَلَى الْمَسَاكِينِ ، فَتَصَدَّقَ بِهِ . وَقَالَ : اشْهَدُوا أَنِّي تَصَدَّقْتُ بِهِ عَنْ نَفْسِي ، أَوْ عَنْ رَجُلٍ آخَرَ ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عِنْدَ
أَشْهَبَ ، وَالصَّدَقَةُ عَنْكَ ; لِأَنَّهُ كَالْآلَةِ ، فَلَا تُعْتَبَرُ نِيَّتُهُ ، وَلَوْ قُلْتَ لَهُ : شُدَّ حَوْضِي وَصُبَّ فِيهِ رِاوِيَةً ، فَصَبَّهَا قَبْلَ الشَّدِّ ضَمِنَ ; لِأَنَّكَ لَمْ تَأْذَنْ لَهُ فِي الصَّبِّ إِلَّا بَعْدَ الشَّدِّ ، فَالصَّبُّ قَبْلَهُ غَيْرُ مَأْذُونٍ فِيهِ بَعْدُ .
وَكَذَلِكَ إِنْ كَانَ صَحِيحًا فَصَبَّ فِيهِ فَنَسِيَ أَوْ تَعَمَّدَ الصَّبَّ قَبْلَ النَّظَرِ ، وَكَذَلِكَ صَبَّ فِيهِ إِنْ كَانَ رُخَامًا ، فَصَبَّ فِيهِ وَهُوَ فَخَّارٌ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13469ابْنُ كِنَانَةَ : إِذَا قَالَ
الصَّيْرَفِيُّ : هُوَ جَيِّدٌ وَهُوَ رَدِيءٌ ضَمِنَ ; لِأَنَّهُ غَرَرٌ ، وَلَمْ يُضَمِّنْهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَإِنْ غَرَّ بِكَ يُؤَدَّبُ ، وَكَذَلِكَ يَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِمَّا غَرَّ فِيهِ بِلِسَانِهِ ،
وَلِمَالِكٍ فِي تَضْمِينِ
الصَّيْرَفِيِّ إِذَا غُرَّ بِجَهْلِهِ قَوْلَانِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سُحْنُونُ : وَالصَّحِيحُ التَّضْمِينُ إِذَا غَرَّ مِنْ نَفْسِهِ ، قَالَ
ابْنُ دِينَارٍ : إِنْ أَخْطَأَ فِيمَا يُخْتَلَفُ فِيهِ لَمْ يَضْمَنْ ، أَوْ فِي الْبَيِّنِ الظَّاهِرِ ضَمِنَ ؛ لِتَقْصِيرِهِ ، وَلَوْ دَلَّ اللِّصَّ وَالْغَاصِبَ الْقَاهِرَ عَلَى مَالٍ فَلِلْمُتَأَخِّرِينَ فِي تَضْمِينِ
[ ص: 269 ] الدَّارِ قَوْلَانِ ، وَإِنْ أَقَرَّ لَكَ بِالرِّقِّ وَالْمِلْكِ عَلَى أَنْ يُقَاسِمَكَ الثَّمَنَ فَفَعَلْتَ ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ هَلَكَتْ ، ضَمِنَ هُوَ مَا أَتْلَفَ عَلَى الْمُشْتَرِي . وَقَالَهُ
مُحَمَّدٌ : فِي الْحُرِّ يُبَاعُ فِي الْمَغَانِمِ وَهُوَ سَاكِتٌ ، إِلَّا أَنْ يَجْهَلَ مِثْلُهُ ذَلِكَ ، وَاخْتُلِفَ فِيمَنِ اعْتَدَى عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ السُّلْطَانِ الْمُتَجَاوِزِ إِلَى الظُّلْمِ فِي الْمَالِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَبْسُطْ يَدَهُ إِلَيْهِ ، وَلَا أَمَرَ بِشَيْءٍ ، بَلْ تَعَدَّى فِي تَقْدِيمِهِ إِلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَظْلِمُهُ .
فَرْعٌ
فِي الْجَوَاهِرِ : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10707غَصَبَ السُّكْنَى فَقَطْ فَانْهَدَمَتِ الدَّارُ إِلَّا مَوْضِعَ سَكَنِهِ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوِ انْهَدَمَ سَكَنُهُ ضَمِنَ .