السبب الثاني : لتحريم الصيد الحرم وهو أيضا يقتضي تحريم النبات والشجر ، وهما حرمان حرم مكة وحرم المدينة فالحرم الأول حرم مكة ، والأصل فيه : ما في الصحيحين ( مكة قام عليه السلام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ، وقال : إن الله حبس عن مكة الفيل ، وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة ، لا [ ص: 336 ] يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد فقال العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام : إلا الإذخر ) . لما فتح الله على رسوله
فائدة : القين : الحداد ، والعضد : الكسر .
وفيه فصلان : الأول في الصيد وهو كالإحرام في جنس ما يحرم والتسبب للإتلاف والجزاء ، قال صاحب ( القبس ) : وروي عن مالك : أن ليس مثل قتل المحرم الصيد في التحريم قال : وهذا خلاف قوله تعالى : ( قتل الصيد في الحرم لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) [ المائدة 95 ] والحرم : ما كان في الحرم محرما .
فروع ثلاثة : الأول في ( الكتاب ) : يجوز ، والصيد يدخله من الحل ، وقاله ( ش ) ، ومنعه ( ح ) ذبح الحلال بمكة الحمام الإنسي والوحشي بسبب الحرم ، قياسا على ما إذا كان عنده صيد وهو حلال فأحرم ، وقياسا للحرم عن الإحرام . والجواب على الأول : المعارضة بإجماع الحرمين ، والقياس على الشجر إذا عبر إلى الحرم ، وعن الثاني : الفرق فإن الإحرام غلظ فيه الشرع لسرعة زواله وله مندوحة عن مباشرة الصيد حينئذ ، وساكنو الحرم يضطرون لذلك ، وهو يطول عليهم أبد الدهر ، وهو الجواب عن الثالث ، قال وابن حنبل سند : وأما العابر بالصيد إلى الحرم وهو عابر سبيل لا يذبحه فيه لعدم الضرورة ، قال ابن القاسم : ويجب عليه إرساله فإن أكله بعد خروجه من الحرم وداه خلافا لأشهب في الذبح بمكة من أهلها وغيرهم .
الثاني : في ( الكتاب ) : لا يصيده حلال ولا حرام ; لأنه صيد البر ، قال ما وقع من الجراد في الحرم : هو من صيد البحر ; لأنه نثرة [ ص: 337 ] حوت ، وهو في كعب بن عجرة الترمذي ، وجوابه : أن ذلك أصله ، والمرعي حاله الحاضرة فإنه يموت في الماء ، وقد كانت الخيل متوحشة فأنسهاإسماعيل وهي إلى الآن متوحشة بالهند ، ومع هذا فما تراعى حالها الحاضرة .
الثالث في ( الموازية ) : قال ابن القاسم : في الجراد قبضة من طعام ، وهو مروي عن ، وأوجب ( ش ) تمرة ، وهو مروي عن ابن عباس عمر - رضي الله عنه - وفي ( الجلاب ) : في الكثير من الجراد قيمته من الطعام ، وقد تقدم بعض فروعه في السبب الأول .