الفصل الثاني : ، وفي ( الكتاب ) : يجوز أخذ الطعام من الغنيمة والعلف والغنم والبقر للأكل ، والجلود للنعال والخفاف ، والحوائج بغير إذن الإمام ، وقال الأئمة ، لما في فيما يجوز الانتفاع به من غير قسم مسلم عبد الله بن جعفر ، قال : أصبت جرابا من شحم يوم خيبر فالتزمته وقلت : لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا فالتفت فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبتسما . ووصى عن رضي الله عنه - الصديق - : لا تذبحن شاة إلا لمأكلة ، قال يزيد بن أبي سفيان ابن يونس ، قال ابن القاسم : وإذا ضم الإمام ما فضل عن ذلك ثم احتاج الناس إليه أكلوا منه بغير أمره ، وفي ( الكتاب ) : يؤخذ السلاح ، يقاتل به ثم يرده . وكذلك الدابة ويركبها إلى بلده إن احتاج إليها ثم يردها إلى الغنيمة ، فإن قسمت الغنيمة باعها [ ص: 419 ] وتصدق بثمنها ، وكذلك كل ما يحتاج إلى لبسه من الثياب ، وروي عن ابن وهب : لا ينتفع بسلاح ولا دابة ولا ثوب ، ولو جاز ذلك لجاز أخذ العين يشتري به ، وما فضل من الطعام بعد رجوعه إلى بلده ، قال ابن القاسم وسالم : يأكله ويكره بيعه ، وقال مالك : يأكل القليل ويتصدق بالكثير ، وكل ما أذن في النفع به ببيع رجع ثمنه مغنما يخمس .
( تمهيد ) : الأصل المنع من الانتفاع بمال الغنيمة لا بعد القسمة لحصول الاشتراك في السبب ، لكن الحاجة تدعو المجاهدين لتناول الأطعمة لعدم الأسواق بدار الحرب ، وهو ضرورة عامة ، والضرورة إلى الدواب خاصة فتارة لاحظ مطلق الضرورة فعمم ، وتارة راعى الحاجة الماسة فخص ، وأما النقدان : فهما وسيلتان للمقاصد ، وليسا مقصودين فلا جرم امتنعا مطلقا ، قال : وإذا أخذ هذا لحما وهذا عسلا فلأحدهما منع صاحبه حتى يقايضه ، قالابن يونس كره بعضهم التفاضل بين القمح والشعير في هذا ، وخففه آخرون ، وفي ( الكتاب ) : من نحت سرجا أو برى سهما ببلد العدو فهو له ولا يخمس ، وإن كان يسيرا وما كسب من صيد طير أو حيتان أو صنعه عبده من الفخار فهو له ، وإن كثر ، قال ابن يونس : قيل إن كان للسرج قدر أخذه أجرة ما عمل والباقي فيء ، وإذا باع صيدا صار ثمنه فيئا ، وقال ابن حبيب : كل ما صنعه بيده إنما له الأجرة ، وما صاده من البزاة ونحوها مما يعظم خطره فمغنم بخلاف الحيتان ; لأن هذه الأمور إنما وصل إليها في أرض الحرب بالمشركين ، وفي ( الجواهر ) : يجوز ذبح الأنعام للأكل ، ويقول : لا يجوز إذا ذبحت للانتفاع بجلدها إن احتيج إليه ، وإلا رده إلى المغانم ، ويباح للأكل لمن معه طعام ، ولمن ليس معه بقدر الحاجة ، وإن فضل شيء بعد تفرق المشركين تصدق به إن كان كثيرا وإلا انتفع به .