فصل : ثم يمسح يديه .
واختلف الفقهاء في على ثلاثة مذاهب : مسح اليدين
أحدها : ما حكي عن الزهري أن يمسحهما إلى المنكبين .
والثاني : ما قاله الشافعي في الجديد ومنصوصات القديم أنه يمسح الذراعين إلى المرفقين وبه قال من الصحابة ابن عمر وجابر ومن التابعين سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، ومن الفقهاء الليث بن سعد ، وسفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وصاحباه . والثالث : ما قاله مالك : أنه يمسح الكفين إلى الكوعين وبه قال من الصحابة ابن مسعود ، وابن عباس ، ومن التابعين عكرمة ، ومكحول ، ومن الفقهاء الأوزاعي ، وأحمد وإسحاق ، ورواه أبو ثور ، عن الشافعي في القديم وحكى الزعفراني أن الشافعي في القديم كان يجعله موقوفا على صحة حديث عمار ومنصوصه في القديم كله خلاف هذا واستدل من قال بأن [ ص: 235 ] الواجب مسح الكفين بقوله تعالى : فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه [ المائدة :
6 ] ومطلق اسم اليد يتناول الكف ، بدليل الاقتصار في قطع يد السارق عليها ، وبرواية الحكم ، عن ذر ، عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ، عن أبيه ، عن عمار بن ياسر أنه قال : " والدليل على وجوب كنت في الإبل فأصابتني جنابة فتمعكت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : " إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض فتمسح بها وجهك وكفيك قوله تعالى : مسحهما إلى المرفق وأيديكم منه وإطلاق اسم اليد يتناول المنكب فدخل الذراع في عموم الاسم ، ثم اقتصر في التيمم على تقييده في الوضوء [ به ] ، وروى الشافعي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن أبي الحويرث ، عن أبي الأعرج ، عن ابن الصمة . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تيمم فمسح وجهه وذراعيه
وروى أحمد بن ثابت العبدي ، عن نافع ، عن ابن عمر . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب بيده على الحائط ومسح بها وجهه ، ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه
وروى عروة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : وروى " التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين " الربيع بن زيد عن أبيه عن جده عن أسلع قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة المريسيع فأصابتني جنابة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قم فارحل [ ص: 236 ] بي " فقلت : " إني جنب فنزل عليه جبريل بآية التيمم فأراني النبي صلى الله عليه وسلم كيف أتيمم فضرب بيديه على الأرض فمسح وجهه وضرب أخرى فمسح ذراعيه إلى المرفقين ، ولأنه ممسوح في التيمم فوجب أن يكون مسحه كغسله قياسا على الوجه .
فأما الجواب عن استدلالهم بالآية فهو ما ذكرنا من وجه الاستدلال بها ، وأما حديث عمار فقد روى عمار وقد روي عنه خلافه وطريقه مضطرب والاختلاف في نقله كثير فلم [ ص: 237 ] يجز أن يكون معارضا لما روينا من الأخبار المشهورة من الطرق الصحيحة مع زيادتها ، وأن الزيادة أولى أن يؤخذ بها والله أعلم .