مسألة : قال  الشافعي   رضي الله عنه : " وينوي بالتيمم الفريضة ، وهذا صحيح ،  النية في التيمم   واجبة ، وقد وافق على وجوبها  مالك   وأبو حنيفة   ، وإن خالفا في الوضوء والغسل ، وإذا كان كذلك فالتيمم مع إجماعهم على وجوب النية فيه لا يرفع الحدث ، وإنما يبيح فعل      [ ص: 243 ] الصلاة فيكون موافقا للوضوء في استباحته الصلاة ، ومخالفا له في رفع الحدث ، وقال  أبو حنيفة      :  التيمم يرفع الحدث كالوضوء   استدلالا برواية  أيوب   عن  أبي قلابة   عن رجل من  بني عامر   عن  أبي ذر   أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :    " إن الصعيد الطيب طهور     " فجعله مطهرا ، قال : ولأنها طهارة عن حدث فوجب إذا استباح بها فعل الصلاة أن يستفاد بها رفع الحدث قياسا على الوضوء ، قال : ولأنه أحد نوعي ما يتطهر به فوجب أن يرفع الحدث كالماء ، قال : ولأنه لو لم يكن التيمم رافعا للحدث لما أثر في إبطاله طروء الحدث ، فلما بطل بالحدث الطارئ دل على أنه كان رافعا للحدث الأول .  
ودليلنا هو أنه طهارة ضرورة فلم يرفع الحدث ، كطهارة المستحاضة ، ولأنه ممن يلزمه استعمال الماء عند رؤيته ، فوجب أن يكون محدثا كالمصلي مع فقد الماء والتراب معا ، ولأنه أحدث طهارة لا يسقط عنه فرض استعمال الماء إذا قدر عليه فلم يرتفع حدثه كالمتوضئ بالماء النجس ، ولأن التيمم إذا ارتفع حدثه كالمتوضئ لم يلزمه الوضوء لصلاة مستقبلة كالمتوضئ ، ولأن ما لم يرفع الحدث في الحضر لا يرفعه في السفر قياسا على الماء إذا لم يكف جميع البدن وأما الجواب عن الخبر فهو إنه منقطع : لأن في إسناده رجلا من  بني عامر   مجهولا فلم يكن فيه حجة ، ثم لو صح لكان قوله    " طهور     " محمولا على سقوط الفرض ، وأما قياسه على الوضوء فمنتقض بطهارة المستحاضة ثم المعنى في الوضوء أنه لما يلزم معه استعمال الماء عند رؤيته دل على ارتفاع الحدث به ، ولما لزم المتيمم استعمال الماء عند رؤيته دل على أن الحدث لم يرتفع ، وأما قياسه على الماء فالمعنى في      [ ص: 244 ] الماء أنه مستعمل في غير الضرورة ، فكانت الطهارة به عامة في سقوط الفرض دون رفع الحدث .  
وأما الجواب عن قوله : إنه لما بطل التيمم بالحدث الطارئ دل على أنه لم يكن من قبله محدثا ، فهو أنه يستنبط منه دليل عليهم فيقال : لو أن  جنبا تيمم لجنابته ثم أحدث بعد تيممه ووجد الماء   لزمه أن يغتسل به ، فلو كان التيمم رافعا لحدثه لكان حكم الجنابة ساقطا ولزمه أن يتوضأ : لما طرأ من حدثه ، وفي ذلك أقوى دليل على بقاء الحدث الأول بعد تيممه ، ثم يقال إنما بطل تيممه بالحدث الطارئ وإن كان محدثا لأن التيمم تباح به الصلاة بالحدث الأول لا بالحدث الطارئ .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					