الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ولو نسي الجنابة فتيمم للحدث أجزأه : لأنه لو ذكر الجنابة لم يكن عليه أكثر من التيمم " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : أما الجنب إذا عدم الماء في سفره جاز أن يتيمم في وجهه وذراعيه لا غير كالوضوء سواء ، ويصلي الفرض والنفل ، وهو قول جمهور الصحابة وكافة الفقهاء ، [ ص: 250 ] وحكي عن عمر بن الخطاب ، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن الجنب لا يتيمم ويؤخر الصلاة حتى يجد الماء فيغتسل ويقضي ما ترك من الصلاة ، والدليل على جوازه ما رواه الشافعي ، عن إبراهيم بن محمد ، عن عباد بن منصور ، عن أبي رجاء العطاردي ، عن عمران بن الحصين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر جنبا أن يتيمم ثم يصلي فإذا وجد الماء اغتسل ، وروى سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبي مالك عن عبد الرحمن بن أبزى قال : " كنت عند عمر بن الخطاب فجاءه رجل فقال : إنا نكون بالمكان الشهر أو الشهرين فقال عمر : أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء : قال : فقال عمار أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة ، فأما أنا فتمعكت ، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال : إنما كان يكفيك أن تقول هكذا وضرب بيده الأرض ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه ويديه ، فقال عمر : يا عمار اتق الله ، فقال : يا أمير المؤمنين إن شئت والله لم أذكره أبدا فقال عمر : كلا ، والله لنولينك من ذلك ما توليت " .

                                                                                                                                            وروى حماد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر ، عن أبي ذر ، قال : " كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة فأصلي بغير طهور فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : هلكت يا رسول الله ، قال : وما أهلكك قلت : كنت أعزب عن الماء ومعي أهلي فتصيبني الجنابة ، فأصلي بغير طهور فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فاغتسلت ، ثم جئت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر إن الصعيد طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين ، فإذا وجدت الماء فأمسسه جلدك .

                                                                                                                                            فدلت هذه الأخبار الثلاثة مع اختلاف طرقها على جواز التيمم للجنب .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية