مسألة : [ صلاة من كان في حش ]
قال الشافعي رضي الله عنه : " وإذا كان في المصر في حش أو موضع نجس " .
قال الماوردي : وصورتها رجل في حش والحش المكان النجس فإذا لزمه أن يصلي عليه ولا إعادة ، وإن لم يجد موضعا طاهرا ولا بساطا طاهرا صلى لحرمة الوقت ، وهل يصلي واجبا أو استحبابا ؟ على قولين : دخل وقت الصلاة عليه ووجد في الحش موضعا طاهرا أو بساطا
أحدهما : قاله في القديم والإملاء : يصلي استحبابا لا واجبا ، ووجهه ما استدل به أبو حنيفة علينا فيمن لم يجد ماء ولا ترابا .
والقول الثاني : قاله في الجديد نص عليه في هذا الموضع وفي الأم أنه يصلي واجبا ووجهه ما استدللنا به على أبي حنيفة في من لم يجد ماء ولا ترابا ، فإذا صلى في الوقت على ما ذكرنا من القولين ، فقد اختلف أصحابنا هل يومئ ولا يباشر النجاسة أم لا ؟ على وجهين :
أحدهما : عليه أن يستوفي السجود مباشرا بأعضاء سجوده : لأن طهارة المحل فرض [ ص: 276 ] واستيفاء السجود فرض ، فلم يكن العجز عن الطهارة مسقطا لفرض السجود كالعريان يلزمه أن يصلي قائما وإن كان تظهر عورته ، ولا يكون العجز عن ستر العورة مسقطا لفرض القيام .
والوجه الثاني : وهو الصحيح وقد نص عليه الشافعي في الإملاء أنه يومئ منتهيا في سجوده أقصى حال إن زاد عليها أصاب النجاسة لأن الإيماء بدل من السجود ، وليس للطهارة في النجاسة بدل ، فكان اجتناب الأنجاس أوكد من استيفاء السجود ، وخالف العريان : لأن الأرض لا تكون خلفا من الثوب في ستر العورة ألا ترى لو أفضى بعورته إلى الأرض ساترا لها عن أبصار الخلق وهو قادر على الثوب لم يجزه ، ولو أجزأه هذا وكان ساترا لأنه لا يرى أجزأه إذا كان يصلي عريانا في بيت مستترا بحيطانه ، لأنه لا يرى وليس كذلك الإيماء : لأنه بدل من السجود في حال الاضطرار ، وفي بعض الأحوال مع الاختيار .