مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وإذا أذن صلى الله عليه وسلم في بيعه إذا صار أحمر أو [ ص: 194 ] أصفر فقد أذن فيه إذا بدا فيه النضج واستطيع أكله خارجا من أن يكون كله بلحا ، وصار عامته في تلك الحال يمتنع في الظاهر من العاهة لغلظ نواته في عامته وبسره " .
قال الماوردي : قد ذكرنا أن ، وقد اختلف الناس في بدو الصلاح شرط في جواز البيع من غير اشتراط القطع . بدو الصلاح
فروي عن ابن عمر أن بدو الصلاح في الثمار بطلوع الثريا .
وحكي عن عطاء أن بدو الصلاح بأن يوجد في الثمر ما يؤكل .
وحكي عن النخعي أن بدو الصلاح بقوة الثمرة واشتدادها .
ومذهب الشافعي أن بدو الصلاح يختلف باختلاف الأجناس ، فبدو الصلاح في النخل بالاحمرار والاصفرار ، وفي الكرم بالتموه إلى الحمرة أو السواد : استدلالا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم . أنه نهى عن بيع الثمار حتى تزهي ، قيل : وما تزهي ؟ قال حتى تحمر أو تصفر
فأما اعتباره بطلوع الثريا ، فلا يصح : لأن من البلاد ما يتعجل طلوع الثريا فيه ، ويتأخر صلاح ثمره ، ومنها ما يتأخر طلوع الثريا فيه ويتعجل صلاح ثماره .
ولأن البلد الواحد قد يتعجل صلاح ثماره في عام لاشتداد الحر ودوامه ، ويتأخر في عام آخر لاشتداد البرد ودوامه ، وطلوع الثريا لا يختلف بالحر والبرد .
وأما من اعتبره بوجود ما يؤكل منه فلا يصح : لأن ثمار النخل قد تؤكل طلعا ثم تؤكل بلحا وحالا ، والكرم قد يؤكل حصرما ، ولا يكون ذلك صلاحا .
وأما من اعتبره بالقوة والاشتداد فغالط : لأن قوة الثمار قبل صلاحها فإذا صلحت لانت ونضجت .