مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " وبيع صاحب الحائط لكل من أرخص له وإن أتى على جميع حائطه " .
قال الماوردي : أما مذهب الشافعي رضي الله عنه وما صرح به في كتاب " الأم " وغيره جوازها للمضطر المعسر ، وللغني الموسر ، وهما في إباحتهما سواء ، وقال المزني : لا تجوز العرية إلا للمضطر المعسر ، وقد أشار إليه الشافعي رضي الله عنه في " الإملاء " وفي " اختلاف الحديث " لأن حاجة ذوي الضرورات ، وكان محمولا على سببه فاختلف أصحابنا ، وكان بعضهم يخرج ذلك على قولين ، وامتنع جمهورهم من تخريج القولين ، وصرحوا بجوازه للكافة قولا واحدا تعويلا على غالب نصه ، وتأولوا ما أشار إليه في " الإملاء " واختلاف الحديث على الأخبار عن سببه : استدلالا بإرخاصه صلى الله عليه وسلم في العرية من غير [ ص: 219 ] تقييد بالضرورة ، ولأن الضرورة لا تتصور فيه : لأن معه التمر فهو غير مضطر إلى الرطب ، فإنما يريده شهوة ، ولو كان إليه مضطرا لزالت ضرورته بصاع منه ، وقد أبيح له أكثر منه فعلم أن اعتبار الضرورة فيه غير صحيح السبب في إباحة العرية
فإذا ثبت جوازه للمضطر وغيره جاز للرجل أن يبيع جميع حائطه عرايا في عقود شتى ، ولو كان فيه ألف وسق ، إذا وفى كل عقد شرطه ، وكذا يجوز للرجل أن يشتري بألف وسق من تمر عرايا في عقود شتى ، إذا أوفى كل حق شرطه : لأن حكم كل عقد معتبر بنفسه لا تعلق له بغيره . والله أعلم .