مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " ولو اختلفا في العيب ومثله يحدث فالقول قول البائع مع يمينه على البت لقد باعه بريئا من هذا العيب ( قال المزني ) يحلف بالله ما بعتك هذا العبد وأوصلته إليك وبه هذا العيب : لأنه قد يبيعه إياه وهو بريء ثم يصيبه قبل أن يوصله إليه ( قال المزني ) ينبغي في أصل قوله أن يحلفه لقد أقبضه إياه وما به هذا العيب من قبل أنه يضمن ما حدث عنده قبل دفعه إلى المشتري ويجعل للمشتري رده بما حدث عند
[ ص: 259 ] البائع ولو لم يحلفه إلا على أنه باعه بريئا من هذا العيب أمكن أن يكون صادقا وقد حدث العيب عنده قبل الدفع فنكون قد ظلمنا المشتري : لأن له الرد بما حدث بعد البيع في يد البائع ، فهذا يبين لك ما وصفنا أنه لازم في أصله ما وصفنا من مذهبه " .
قال الماوردي : وجملة ، إذا ادعى المشتري تقدمه ليستحق به الفسخ وادعى البائع حدوثه ليمنعه الفسخ إنه لا يخلو حال العيب من ثلاثة أقسام : اختلاف البائع والمشتري في العيب
أحدها : ما علم تقدمه .
والثاني : ما علم حدوثه .
والثالث : ما استوى فيه الأمران .
فأما ما علم تقدمه مثل الإصبع الزائدة التي لا يمكن حدوثها أو شق جراحة عنقه يستحيل في المدة القصيرة حدوث مثلها ، فالقول في هذا وما جرى مجراه قول المشتري بلا يمين لعلمنا بصدقه وكذا البائع .
وأما ما علم حدوثه فمثل جراحة طرية تسيل دما يستحيل في المدة الطويلة أن يتقدمها ، فالقول في هذا وما جرى مجراه من ادعاء العمى والعور مع اعتراف المشتري بالرؤية ، قول البائع بلا يمين ولا رد للمشتري لعلمنا بصدق البائع وكذب المشتري ، فأما ما أمكن حدوثه وتقدمه كالخرق في الثوب والكسر في الإناء والجراح وسائر العيوب التي يمكن حدوثها وتقدمها فالقول فيها قول البائع مع يمينه لمعنيين :
أحدهما : أن حدوث العيب يقين ، وتقدمه شك ، والحكم باليقين أولى من الحكم بالشك .
والثاني : أن دعوى المشتري تقتضي الفسخ ، ودعوى البائع تقتضي الإمضاء ولزوم العقد من قبل يعاضد قول من ادعى الإمضاء دون الفسخ .