فصل : فإذا ، وهي أن من ادعى عليه دعوى فأنكرها لم يخل حال إنكاره من أمرين : إما أن يقابل لفظ الدعوى في [ ص: 260 ] الإنكار بمثله ، أو يكون نفيا للحق من غير أن يقابل في الإنكار بمثل اللفظ ، فصفته أن يدعى عليه غصب عبد فيكون جوابه في الإنكار أن يقول ليس له قبلي حق ، وهذا جواب كاف ، فعلى هذا تكون يمين المنكر لهذه الدعوى مثل إنكاره لا مثل دعوى المدعي ، فيقول : والله ما له قبلي حق ، ويلزمه أن يحلف والله ما غصبته العبد : لأنه قد يجوز أن يكون غصبه ثم رده أو ابتاعه فيأثم إن حلف وهو بريء من الدعوى ، فإن كان إنكاره مقابلا للفظ الدعوى فصفته أن يدير عليه غصب عبد ، فيكون في جوابه في الإنكار أن يقول : ما غصبته هذا العبد فعلى هذا في يمينه لأصحابنا وجهان : ثبت أن يمين البائع على البت فصفة يمينه تبنى على مقدمه
أحدهما : يحلف بالله ما له قبلي حق لما ذكرنا من التعليل .
والوجه الثاني : يحلف بالله ما غصبته العبد : لأنه لا ينكر الدعوى بمثل لفظها إلا وهو يعلم من نفسه إن حلف عليه لم يحنث في يمينه .
فإذا وضحت هذه المقدمة لم يخل جواب البائع فيما ادعاه من حدوث العيب من أن يكون نفيا لاستحقاق الرد أو أن يكون مقابلا لدعوى المشتري بمثل ذلك اللفظ ، وإن كان البائع نفى استحقاق الرد مثل أن يقول لا يستحق على رد هذه السلعة بهذا العيب ، فيجب أن تكون يمينه مطابقة لجوابه فيقول : والله ما يستحق علي رد هذه السلعة بهذا العيب ، وإن كان البائع قابل دعوى المشتري بمثل لفظه مثل أن يقول : لقد بعتك هذه السلعة وليس فيها هذا العيب ففي يمينه وجهان :
أحدهما : أن يحلف مثل يمينه الأول ، فيقول : والله ما يستحق علي رد هذه السلعة بهذا العيب لجواز أن يكون العيب متقدما ، لكن علم به المشتري أو تصرف فيه بعد علم ولا يكون له رده .
والوجه الثاني : أن يمينه تكون مطابقة لقوله فيحلف بالله لقد باعه هذه السلعة ما بها هذا العيب : لأن جوابه بهذا التصريح ينفي عنه ما ذكرنا من الاحتمال .