مسألة : قال الشافعي رحمه الله تعالى : " فإن لم يقبل منه وهو مكذب لها " . قال : ثمنها أكثر من مائة ، وأقام على ذلك بينة
قال الماوردي : وصورتها في رجل باع ثوبا مرابحة بربح في العشرة واحدا ، وأخبر أن الثمن مائة درهم ، فأخذه المشتري بمائة وعشرة دراهم ، ثم عاد البائع فذكر أنه غلط في إخبار الشراء وأن الثمن مائة وعشرون ، فللمشتري حالتان حال يصدقه على ما ذكر من غلطه ، وحال يكذبه ، فإن صدقه على أن الثمن مائة وعشرون درهما ، قيل للمشتري : أنت بالخيار بين أن تأخذ بهذا الثمن وحصته من الربح ، وذلك مائة واثنان وثلاثون درهما ، وبين أن تفسخ البيع فيه . وإن كذبه فالقول قول المشتري ، فإن كان البائع حين أخبر في الأول أن الثمن مائة ، ثم ذكر أنه اشتراه لنفسه لم تسمع له بينة بما ادعاه في الثاني من الثمن أنه مائة وعشرون : لأنه مكذب لنفسه بالقول الأول ، ومن حفظ عليه أكذاب بينته ردت عليه ، ولم يسمع منه ، فإن طلب البائع يمين المشتري على أن الثمن مائة درهم ففي جواز إخلافه وجهان مخرجان من اختلاف قوليه في
فإن قيل : إنما يجري مجرى البينة لم يجب إحلافه : لأنه لو أقام بينة لم تسمع ، وإن قيل : إنها تجري مجرى الإقرار وجب إحلافه : لأن المشتري لو أقر بما ادعاه البائع لزمه ، فأما إن كان البائع حين أخبر في الأول بأن الثمن مائة درهم أخبر بذلك عن شراء وكيله أو عبده المأذون له في التجارة ، ثم عاد فذكر أن الوكيل أخطأ وأن العبد غلط وأن الثمن مائة وعشرون ، فهل تسمع منه البينة بما ادعاه من ذلك على وجهين : يمين المدعي بعد نكول المدعى عليه . هل يجري مجرى البينة أو يجري مجرى الإقرار ؟
أحدهما : لا تسمع بينته كما لو أخبر أنه اشتراه لنفسه : لأنه قد أكذبها تقدم من قوله ، فعلى هذا في وجوب إحلاف المشتري وجهان .
والوجه الثاني : أن بينته فيما ادعاه مسموعة يحكم بها على المشتري ، ويجعل بالخيار بين أن يأخذه بالثمن الذي قامت البينة به وبحصته من الربح أو الفسخ .
فإن عدم البائع البينة كان له إحلاف المشتري وجها واحدا ، فإن حلف كان له أخذ الثوب بالثمن الأول ، وحصته من الربح وذلك مائة وعشرة دراهم ، فإن نكل ردت اليمين على البائع ، فإذا حلف ، قيل للمشتري : أنت بالخيار في أخذ الثوب بالثمن الثاني وحصته من الربح وذلك اثنان وثلاثون درهما وبين أن تفسخ . والله أعلم .