مسألة : قال ولا أحب مبايعة من أكثر ماله من ربا أو من حرام ولا أفسخ البيع لإمكان الحلال فيه " .
قال
الماوردي : وهذا كما قال . تكره
nindex.php?page=treesubj&link=18608_29503_18602معاملة من لا يتوقى الشبه في كسبه ، ومن خلط الحرام بماله لقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923113 " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، فلن تجد فقد شيء تركته لله " ولقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=923114 " حلال بين وحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات ومن يحم حول الحمى يوشك أن يقع فيه " . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923115 " لا يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
لو صليتم حتى تصيروا كالحنايا ، وصمتم حتى تكونوا كالأوتار ما تقبل ذلك منكم إلا بورع شاف . وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
من لم يبال من أين مطعمه من أين مشربه لم يبال الله تعالى من أي أبواب جهنم أدخله " وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :
ملاك دينكم الورع . وروي أن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى رجلا دخل السوق يتجر فقال له : هل تعرف أبواب الربا فقال : لا . فدفع إليه فأسا وقال له : امض فاحتطب .
nindex.php?page=treesubj&link=29501_27152والورع في الدين مندوب إليه ، وتوقي الشبه فيه مأمور به .
[ ص: 311 ] وإذا كان كذلك
nindex.php?page=treesubj&link=27152فلا يخلو حال من تعامله ببيع أو قرض أو تقبل هبة أو هدية من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يكون ممن يتوقى الشبه ويعلم أن ماله حلال فمعاملة مثله هي المستحقة .
والثاني : أن يكون ممن
nindex.php?page=treesubj&link=27152_29502يبيع الحرام وقد تعين لنا تحريم ماله فمعاملة هذا حرام ، والعقود معه على أعيان ما بيده من هذه الأموال باطلة ، لا يجوز لأحد أن يتملك عليه شيئا منها .
والثالث : أن يكون من
nindex.php?page=treesubj&link=18602_29503طالبي الشبه وملتمسي الحرام ، لكن ليس يتعين ذلك المال لاختلاطه بغيره من الحلال ، كاليهود الذين في أموالهم الربا وأثمان الخمور ، وقطاع الطريق ، وعمال الضرائب ، وكالسلطان الجائر ، الذي قد يأخذ الأموال من غير وجهها ، إلى من جرى مجراه فتكره معاملتهم لما وصفنا ورعا واحتياطا ، ولا يحرم ذلك في الحكم بل يجوز ، لما روي
أن النبي صلى الله عليه وسلم اقترض من أبي الشحم اليهودي أصوعا من شعير ، وقد كان ممن لا يتوقى الربا . مع ما أخبر الله تعالى في كتابه عن كافة
اليهود بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42سماعون للكذب أكالون للسحت ولأن الله تعالى قد أمرنا بأخذ الجزية من
اليهود ، ولو حرمت علينا أموالهم لما جاز أن نأخذها في جزيتهم ، ولأنهم إذا أسلموا أقروا على أموالهم ولو حرمت لحرم إقرارهم عليها بعد إسلامهم ، وقد روي عن
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا سأله فقال : إن لي جارا يربي أفآكل من ماله فقال : لك مهنأه وعليه مأثمه .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ وَلَا أُحِبُّ مُبَايَعَةَ مَنْ أَكْثَرُ مَالِهِ مِنْ رِبًا أَوْ مِنْ حَرَامٍ وَلَا أَفْسَخُ الْبَيْعَ لِإِمْكَانِ الْحَلَالِ فِيهِ " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ . تُكَرَهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18608_29503_18602مُعَامَلَةُ مَنْ لَا يَتَوَقَّى الشُّبَهُ فِي كَسْبِهِ ، وَمَنْ خَلَطَ الْحَرَامَ بِمَالِهِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923113 " دَعْ مَا يُرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يُرِيبُكَ ، فَلَنْ تَجِدَ فَقْدَ شَيْءٍ تَرَكْتَهُ لِلَّهِ " وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=923114 " حَلَالٌ بَيِّنٌ وَحَرَامٌ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُشْتَبِهَاتٌ وَمَنْ يَحُمْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ " . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=923115 " لَا يَبْلُغُ الْعَبْدُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى يَدَعَ مَا لَا بَأْسَ بِهِ حَذَرًا مِمَّا بِهِ بَأْسٌ . وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
لَوْ صَلَّيْتُمْ حَتَّى تَصِيرُوا كَالْحَنَايَا ، وَصُمْتُمْ حَتَّى تَكُونُوا كَالْأَوْتَارِ مَا تُقُبِّلَ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا بِوَرَعٍ شَافٍ . وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
مَنْ لَمْ يُبَالِ مِنْ أَيْنَ مَطْعَمُهُ مِنْ أَيْنَ مَشْرَبُهُ لَمْ يُبَالِ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ أَدْخَلَهُ " وَرُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
مَلَاكُ دِينِكُمُ الْوَرَعُ . وَرُوِيَ أَنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَأَى رَجُلًا دَخَلَ السُّوقَ يَتَّجِرُ فَقَالَ لَهُ : هَلْ تَعْرِفُ أَبْوَابَ الرِّبَا فَقَالَ : لَا . فَدَفَعَ إِلَيْهِ فَأْسًا وَقَالَ لَهُ : امْضِ فَاحْتَطِبْ .
nindex.php?page=treesubj&link=29501_27152وَالْوَرَعُ فِي الدِّينِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ ، وَتَوَقِّيِ الشُّبَهُ فِيهِ مَأْمُورٌ بِهِ .
[ ص: 311 ] وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=27152فَلَا يَخْلُو حَالُ مَنْ تُعَامِلُهِ بِبَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ تَقَبُّلِ هِبَةٍ أَوْ هَدِيَّةٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ :
أَحَدُهَا : أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَتَوَقَّى الشُّبَهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ مَالَهُ حَلَالٌ فَمُعَامَلَةُ مِثْلِهِ هِيَ الْمُسْتَحَقَّةُ .
وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27152_29502يَبِيعُ الْحَرَامَ وَقَدْ تَعَيَّنَ لَنَا تَحْرِيمُ مَالِهِ فَمُعَامَلَةُ هَذَا حَرَامٌ ، وَالْعُقُودُ مَعَهُ عَلَى أَعْيَانِ مَا بِيَدِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَمْوَالِ بَاطِلَةٌ ، لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَمَلَّكَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْهَا .
وَالثَّالِثُ : أَنْ يَكُونَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=18602_29503طَالِبِيِ الشُّبَهُ وَمُلْتَمِسِي الْحَرَامَ ، لَكِنْ لَيْسَ يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَالُ لِاخْتِلَاطِهِ بِغَيْرِهِ مِنَ الْحَلَالِ ، كَالْيَهُودِ الَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمُ الرِّبَا وَأَثْمَانِ الْخُمُورِ ، وَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ ، وَعُمَّالِ الضَّرَائِبِ ، وَكَالسُّلْطَانِ الْجَائِرِ ، الَّذِي قَدْ يَأْخُذُ الْأَمْوَالَ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا ، إِلَى مَنْ جَرَى مَجْرَاهُ فَتُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُمْ لِمَا وَصَفْنَا وَرَعًا وَاحْتِيَاطًا ، وَلَا يُحَرَّمُ ذَلِكَ فِي الْحُكْمِ بَلْ يَجُوزُ ، لِمَا رُوِيَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اقْتَرَضَ مِنْ أَبِي الشَّحْمِ الْيَهُودِيِّ أَصْوُعًا مِنْ شَعِيرٍ ، وَقَدْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَتَوَقَّى الرِّبَا . مَعَ مَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ عَنْ كَافَّةِ
الْيَهُودِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=42سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ
الْيَهُودِ ، وَلَوْ حُرِّمَتْ عَلَيْنَا أَمْوَالُهُمْ لَمَا جَازَ أَنْ نَأْخُذَهَا فِي جِزْيَتِهِمْ ، وَلِأَنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا أَقَرُّوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَلَوْ حُرِّمَتْ لَحَرُمَ إِقْرَارُهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ : إِنَّ لِي جَارًا يُرْبِي أَفَآكُلُ مِنْ مَالِهِ فَقَالَ : لَكَ مَهْنَأُهُ وَعَلَيْهِ مَأْثَمُهُ .