فصل : استدلال أبي حنيفة على أن نجاسة الماء معتبرة بالاختلاط
واستدل أبو حنيفة على أن نجاسة الماء معتبرة بالاختلاط برواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ، ثم يغتسل فيه " فمنع من ذلك لأجل التنجيس بالاختلاط من غير اعتبار قذر فيه ، وبما روي عن ابن عباس أنه نزح بئر زمزم من زنجي مات فيها ، ومعلوم أن ماءها كثير ، ولم ينقل التغيير ، ولم ينكر ذلك أحد من علماء العصر مع ضنهم بماء زمزم أن يراق بغير حق ، وأن يستعمل إلا في قربة ، فصار إجماع العصر ، قال : ولأن ما خالطته نجاسة فوجب أن يكون نجسا قياسا على ما دون القلتين ، قال : ولأنه مائع تنجس قليله بمخالطة النجاسة قياسا على سائر المائعات ، قال : ولأن العين الواحدة إذا اجتمع فيها حظر وإباحة فغلب حكم الحظر على الإباحة على المتولد من بين [ ص: 327 ] مأكول وغير مأكول ، وكالولد إذا كان أحد أبويه وثنيا ، والآخر كتابيا فاقتضى شاهد هذه الأصول في تغليب الحظر أن يغلب حكم النجاسة على الطهارة .