فصل : فأما فلا يطهر بالنزح ، وهو بعد نزحه نجس كحكمه في البئر قبل نزحه فأما البئر بعد نزحها فلا يخلو أن ينبع فيها ماء أم لا : فإن لم ينبع فيها ماء فهي نجسة ، لا تطهر إلا بما تطهر به النجاسات من الغسل بالماء وإن نبع فيها ماء لم يخل حال النابع فيها من أحد أمرين : إما أن يكون متغيرا أو غير متغير ، فإن كان غير متغير ، نظر [ ص: 340 ] فإن بلغ قلتين فهو طاهر مطهر ، والبئر طاهرة ، وإن كان دون القلتين فقد طهرت البئر ، وهو ماء مستعمل في إزالة نجاسته ، فيكون على مذهب نزح ماء البئر إذا كان نجسا الشافعي طاهرا غير مطهر ، وعلى مذهب الأنماطي نجسا . وإن كان الماء النابع متغيرا فلا يخلو تغييره من ثلاثة أحوال :
أحدها : أن يعلم أنه من النجاسة فيكون الماء نجسا .
والثاني : أن يعلم أنه من غير النجاسة إما لحمأة أو لفساد التربة فلا حكم لتغييره ولا يؤثر هذا التغيير في تنجيسه ، ويكون كحكمه لو كان غير متغير على ما مضى .
والثالث : أن يشك في سبب تغييره هل هو لأجل النجاسة أو لفساد التربة : فيغلب عليه حكم التغيير بالنجاسة فيكون نجسا : لأنه الظاهر من حال تغييره .
وقال الشافعي : لو أن كان الماء نجسا : لأن ظاهر تغييره أنه لوقوع النجاسة فيه ، فغلب حكمه ، فهذا حكم الماء الراكد في بئر أو غيرها ماء إناء أو غدير . غديرا بال فيه ظبي فوجده ماؤه متغيرا فلم يعلم هل تغير لبول الظبي ، أو لطول المكث