الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : الخلاف في تحديد وقت المسح

                                                                                                                                            فإذا ثبت جواز المسح على الخفين في الوضوء بدلا من غسل الرجلين فقد اختلف الناس هل هو محدود أم لا : فذهب مالك في إحدى الروايات عنه وبه قال الشافعي في القديم إلى جواز المسح على التأبيد من غير تحديد وهو في الصحابة قول أبي عبيدة بن الجراح وعبد الله بن عمر ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبي الدرداء ، وفي التابعين قول [ ص: 354 ] الحسن وعروة والزهري ، وذهب الشافعي في الجديد إلى تحديده للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ، وهو في الصحابة قول عمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وفي التابعين قول سعيد بن المسيب وعمر بن عبد العزيز وعطاء والشعبي ، وفي الفقهاء قول الأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق .

                                                                                                                                            واستدل من أجازه على التأبيد برواية محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي بن عمارة قال يحيى بن أيوب وقد كان صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين أنه قال : " يا رسول الله أنمسح على الخفين ، قال نعم ، قال يوما قال ويومين ، قال : وثلاثة ، قال : نعم ، وما شئت وبرواية إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت قال رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم ، ولو استزدناه لزادنا " .

                                                                                                                                            فدل على أن الحد فيه غير محتوم مقدر وبما روي عن عقبة بن عمارة أنه قدم من الشام إلى المدينة يوم جمعة ، وعمر رضي الله عنه على المنبر فقال : كم عهدك بالمسح ، فقلت من الجمعة ، فقال أصبت السنة ، قالوا : ولأنه ممسوح في الطهارة فوجب أن يكون غير محدود كمسح الرأس والجبيرة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية