الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " فإن مسح على باطن الخف وترك الظاهر أعاد وإن مسح على الظاهر وترك الباطن أجزأة " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن للمسح على الخفين أربعة أحوال :

                                                                                                                                            أحدها : حال كمال وهو أن يمسح أعلى الخف وأسفله على ما مضى .

                                                                                                                                            والحال الثانية : حال إجزاء ، وهو أن يمسح أعلى الخف دون أسفله .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : حال لا كمال فيها ولا إجزاء وهو أن يمسح ما فوق الكعبين من ساق الخف .

                                                                                                                                            والحال الرابعة : مختلف فيها ، وهو أن يمسح أسفل الخف دون أعلاه فالذي نقله المزني عن الشافعي أنه لا يجزئه ، فاختلف أصحابنا فكان أبو العباس ، وطائفة من أصحابنا يزعمون أنه هو المذهب ، وأن مسحه لا يجزئ وكان أبو إسحاق يذهب إلى جوازه ، ويزعم أنه مذهب الشافعي وأن المزني لم يحكه نصا ، وإنما أخذه من دليل كلامه : لأنه قال : ولو مسح على الظاهر ، وترك الباطن ، أجزأه ، فظن بدليل كلامه أن مسح باطنه دون ظاهره لا يجزئ فكان أبو علي بن أبي هريرة يخرجه على قولين :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجزئ وهو قول أبي حنيفة واختيار أبي العباس بقول علي بن أبي طالب لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه . وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه ، ومعنى قوله : " لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه " لأنه يلاقي الأنجاس ، فكان مسحه لإزالة ما لاقى من النجاسة أولى ، لكن الرأي متروك بالنص .

                                                                                                                                            والقول الثاني : يجزئ مسحه وهو قول أبي إسحاق : لأنه يقابل مسح الفرض [ ص: 371 ] كالأعلى ، وأما مسح العقب وحده فإن قيل بأنه سنة أجزأه ، وإن قيل : ليس بسنة ففي إجزائه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : لا يجزئ قياسا على الساق .

                                                                                                                                            والثاني : يجزئ : لأنه يقابل محل الفرض كالقدم الأعلى . والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية