مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " ويرفع يديه إذا كبر حذو منكبيه "
قال الماوردي : أما فمسنون باتفاق لكن اختلفوا في حد رفعهما ، فمذهب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام الشافعي أنه يرفعهما إلى منكبيه
وقال أبو حنيفة : يرفعهما إلى شحمة أذنيه استدلالا برواية عبد الجبار بن وائل قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع إبهاميه في الصلاة إلى شحمة أذنيه
وروى عاصم بن كليب عن أبيه وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح الصلاة رفع يديه حيال أذنيه قال : ثم أتيتهم فرأيتهم يرفعون أيديهم إلى صدورهم في افتتاح الصلاة وعليهم برانيس ، وأكسية
ودليلنا رواية عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة يكبر ويرفع يديه حذو منكبيه ، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ، ويصنعه إذا رفع من الركوع
[ ص: 99 ] وروى ابن عمر وأبو هريرة وأبو حميد الساعدي والبراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه حذو منكبيه
فأما الجواب عن حديث وائل بن حجر فمن وجهين :
أحدهما : ترجيح
والثاني : استعمال
فأما الترجيح فمن وجهين :
أحدهما : أن حديثنا أكثر رواة وأشهر عملا فكان أولى
والثاني : أن حديث وائل مختلف فيه ، لأنه روي إلى الأذنين ، وروي إلى الصدر فكان بعضه يعارض بعضا ، وحديثنا مؤتلف فكان أولى
وأما الاستعمال فهو : أن يستعمل من روى إلى الصدر على ابتداء الرفع ، ومن روى إلى الأذنين عن أطراف الأصابع في انتهاء الرفع ، ومن روى إلى المنكبين أخبر عن حال الكفين في مقصود الرفع ، فتصير مستعملين للروايات على وجه صحيح ، وكان أبو العباس بن سريج يقول : كل هذا من اختلاف المباح وليس بعضه أولى من بعض