الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وأما ما تركه المصلي من أعمال صلاته ناسيا فعلى خمسة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : بما تبطل الصلاة بتركه ، وهو النية ، والإحرام

                                                                                                                                            والقسم الثاني : ما لا تبطل الصلاة بتركه ولا يلزمه سجود السهو لأجله وهو : التوجه ، والاستعاذة ، وقراءة السورة بعد الفاتحة ، والتسبيح في الركوع ، وتكبيرات الأركان وهيئات الأفعال

                                                                                                                                            والقسم الثالث : ما لا تبطل الصلاة بتركه ويلزم سجود السهو من أجله ، وهو التشهد الأول ، والقنوت

                                                                                                                                            القسم الرابع : ما لا تصح الصلاة بتركه ويلزمه الإتيان به عن قريب مع سجود السهو ، وهو الركوع ، والسجود إن ذكره بعد زمان قريب أتى به وسجد للسهو ، وإن تطاول الزمان استأنف الصلاة وليس لقرب الزمان وبعده حد ، وإنما هو على عرف الناس ، وعاداتهم ، وحكى " البويطي " عن الشافعي : أنه قدر ذلك بركعة معتدلة لا طويلة ، ولا قصيرة ، وليس ذلك بحد ولا المسألة على قولين كما زعم بعض أصحابنا وإنما قاله على وجه التقريب في العادة

                                                                                                                                            والقسم الخامس : ما اختلف قوله فيه ، وهو أن يترك فاتحة الكتاب من أحد ركعاته ففي صلاته قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم صلاته جائزة وعليه سجود السهو : لما روي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : صلى بنا عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، المغرب فترك القراءة ، فلما فرغ قيل له تركت القراءة فقال : كيف كان الركوع والسجود ؟ قالوا : حسنا . قال : فلا بأس إذا

                                                                                                                                            قال الشافعي : وهذا من الأمر العام المشهور

                                                                                                                                            [ ص: 182 ] والثاني : وهو قوله في الجديد لا تصح إلا أن يأتي بها لقوله صلى الله عليه وسلم : " لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " ، ولأنها أحد أركان الصلاة فوجب أن لا تسقط بالنسيان كالركوع والسجود ، ثم أجاب الشافعي في الجديد عن حديث عمر ، رضي الله عنه ، بجوابين :

                                                                                                                                            أحدهما : أنه ترك الجهر بالقراءة قال الشافعي : وهو الأشبه بعمر رضي الله عنه

                                                                                                                                            والثاني : أن الشعبي روى عن عمر ، رضي الله عنه ، أنه أعاد تلك الصلاة ، فعلى قوله الجديد إن لم يذكر الفاتحة بعد صلاته حتى تطاول الزمان استأنف الصلاة ، وإن ذكرها قبل تطاول الزمان أتى بركعة كاملة وتشهد وسجد للسهو وسلم

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية