الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : وإذا صلى أربع ركعات ، ثم ذكر قبل سلامه أنه ترك منها سجدة لا يدري كيف تركها ، فإنه ينزل ذلك على أسوإ أحواله ويعمل على الاحتياط فيه ، فأحسن حالته أن يكون قد تركها من الركعة الرابعة فتصح له أربع ركعات إلا سجدة ، فأسوأ حالته أن يكون قد تركها من أحد الركعات الثلاث ، إما الأولى ، أو الثانية ، أو الثالثة ، فتصح له على العبرة المتقدمة ثلاث ركعات فيبني عليها ، ويتم صلاته ، ولو ذكر أنه ترك سجدتين لا يدري كيف تركها ، فأحسن أحواله أن يكون قد تركها من الركعة الأخيرة فتصح له أربع ركعات إلا سجدتين يأتي بهما ويبني على صلاته ، وأسوأ أحواله أن يكون قد ترك من الأولى سجدة ، وأتى بالثانية كاملا وترك [ ص: 223 ] من الثالثة سجدة ، وأتى بالرابعة كاملا فيحصل له ركعتان الأولى مجبورة بالثانية ، والثالثة مجبورة بالرابعة ، فيأتي بركعتين تمام صلاته ، ولو ترك ثلاث سجدات لا يدري كيف تركهن فأحسن أحواله أن يكون قد ترك من الثالثة سجدة ومن الرابعة سجدتين ، فيحصل له ثلاث ركعات إلا سجدة ، وأسوأ أحواله أن يكون قد ترك من الأولى سجدة ، وأتى بالثالثة كاملا وترك من الثالثة سجدة ومن الرابعة سجدة ؟ فتحصل له ركعتان : الأولى مجبورة بالثانية ، والثالثة بالرابعة ، فيأتي بركعتين تمام صلاته .

                                                                                                                                            فلو ترك أربع سجدات لا يدري كيف تركهن ، فأحسن أحواله أن يكون قد ترك من الثالثة سجدتين ، ومن الرابعة سجدتين فيحصل له ثلاث ركعات إلا سجدتين ، وأسوأ أحواله أن يكون قد ترك من الأولى سجدة وأتى بالثانية كاملا ، ولم يأت في الثالثة بسجود أصلا وترك من الرابعة سجدة ، فيحصل له ركعتان إلا سجدة ، الأولى مجبورة بالثانية وركوع الثالثة مع سجدة من سجدتي الرابعة ، فيأتي بسجدة تمام الركعتين ، ثم يتشهد ويأتي بركعتين تمام صلاته ، ثم على قياس هذا وغيره في الخمس والست وما زاد .

                                                                                                                                            ولو صلى المغرب أربعا ناسيا ، ثم ذكر قبل سلامه أنه ترك من كل ركعة سجدة لفق له من جملة ذلك ركعتان : الأولى مجبورة بالثانية ، والثالثة مجبورة بالرابعة ، وإنما احتسب له بسجود الرابعة ، وإن فعلها ناسيا ، لأنه فعلها قاصدا بها الفريضة ناسيا أنها رابعة ، فلذلك ما حسبت له من فريضة ، وكانت عما تركه بسهوه ، ولكن لو ذكر أنه ترك من صلاته سجدة وكان قد سجد للتلاوة سجدة لم تنب سجدة التلاوة عن سجدة الفرض ، لأن سجدة التلاوة سنة غير راتبة في الصلاة ، فلذلك لم تنب عن الفرض ، وكذلك لو ترك في صلاته سجدتين ، وكان قد سجد في آخر صلاته للسهو سجدتين لم تنب عن فرضه ، لما ذكرنا من كون سجود السهو سنة مقصودة فلم يجز أن تنوب عن الفرض .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية