مسألة : قال الشافعي ، رضي الله عنه : " وآخر الليل أحب إلي من أوله ، وإن جزأ الليل أثلاثا فالأوسط أحب إلي أن يقومه " .
قال الماوردي : وهذا صحيح إذا أحب المصلي أن يجزئ ليله جزأين أحدهما : لنومه ، أو لشغله والآخر لصلاته ، فالجزء الأخير أحب إلينا أن يجعله لصلاته لقوله سبحانه : والمستغفرين بالأسحار [ آل عمران : 17 ] . ولما روي عن ابن عباس ميمونة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فنام بعد العشاء إلى أن انتصف الليل ، وقام من نصف الليل إلى أن جاء بلال ولأنه إذا قدم نومه كان ذلك أسكن لجسده ، وأخلى لقلبه ، وأنقى لروعه ، وأمكن له في عادته ، وأما إن اختار أن يجزئ ليله أثلاثا ، فيجعل ثلثا لنومه ، وثلثا لصلاته ، وثلثا لنظره في أمره ، فالثلث الأوسط أحب إلينا أن يجعله لصلاته لقوله سبحانه : قال : بت عند خالتي إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا [ المزمل : 60 ] ، يعني : ناشئة ما تنشأ في أثناء الليل حالا بعد حال .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أفضل الأعمال فقال : الصلاة في الليل البهيم يعني : الأسود .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ولأن أوسط الليل أهدأه ، وأخلاه فلذلك ما اخترناه . أفضل الصوم صوم أخي داود كان يصوم يوما ، ويفطر [ ص: 293 ] يوما ، وأفضل الصلاة صلاة أخي داود كان ينام الثلث ، ويقوم النصف ، وينام السدس