الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " فإن صلى الإمام لنفسه جالسا ركعة ، ثم قدر على القيام قام فأتم صلاته ، فإن ترك القيام أفسد على نفسه وتمت صلاتهم إلا أن يعلموا بصحته ، وتركه القيام في الصلاة فيتبعوه " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا كما قال .

                                                                                                                                            إذا صلى الإمام ركعة جالسا لمرضه وعجزه ، ثم قدر على القيام فعليه أن يقوم ويبني على صلاته ، وقال محمد بن الحسن : إذا قدر على القيام بطلت صلاته ، ولزمه استئنافها ، وهذا غلط ، لأنه بقيامه قد انتقل من حالة النقص إلى حالة التمام ، وانتقال المصلي من أنقص حالته إلى أكملها لا يبطل صلاته ، كالمتنفل راكبا إذا نزل فبنى على صلاته ، فإن قيل : يبطل هذا بالمستحاضة إذا انقطع دمها في الصلاة قد انتقل من حالة النقص إلى حالة الكمال ، ولا يجوز لها البناء ، وصلاتها باطلة .

                                                                                                                                            فالجواب أن يقال : هذا السؤال في المستحاضة غير صحيح ، لأن المستحاضة بانقطاع دمها قد انتقلت من حالة الكمال إلى حالة النقص ، لأنها ودمها جاري أحسن حالا منها بعد انقطاعه ألا تراها مع جريان دمها لا يلزمها إزالة نجسه عنها ، وإذا انقطع لم يجز لها الصلاة إلا بعد طهارتها ، وإزالة نجاستها فهذا الجواب على مذهب الشافعي ، فأما أبو العباس بن سريج فإنه يقول : تبني المستحاضة على صلاتها فإن انقطع دمها ، فسقط عنه الجواب ، ولأن كل حال جاز أن يبن المصلي فيها لانتقاله من حال الكمال إلى حال النقص جاز أن يبني من حالة الانتقاص إلى حالة الكمال .

                                                                                                                                            أصله : المستور العورة إذا سلب في صلاته ما كان مستورا به .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية