فصل : فأما  صلاة من ائتم به وهو لا يعلم بكفره   ، فلا يخلو حال إمامه الكافر من أحد أمرين :  
 [ ص: 336 ] إما أن يكون مظهرا لكفره كأهل الذمة والمعاهدين ، فصلاة من ائتم به باطلة ، وهو مذهب الفقهاء كافة ، وقال  المزني      : صلاته جائزة كالمصلي خلف جنب ، وهذا غلط ، والفرق بينهما من وجهين :  
أحدهما : أن الكافر معه علم ظاهر يدل على كفره ، لأنه يوجد لا يدين بلبس الغيار ، وشد الزنار ، وتغيير الهيئة ، فإذا خفي عليه فلتفريطه وقلة تأمله .  
والثاني : أن  إمامة الكافر مع العلم بحاله   لا تجوز بحال ، وإمامة الجنب قد تجوز بحال ، وهو المتيمم إذا صلى بالمتطهر ، لأن التيمم لا يرفع الحدث وكذلك لو أجنب جماعة ولا يجدون ماء ولا ترابا وخافوا فوات الوقت جاز أن يأتموا بأحدهم مع العلم بجنابته ، فمن أجل ذلك وجب اختلاف حكمهما في الائتمام بهما ، وبطلت صلاة من ائتم بالكافر منهما .  
وإن كان مستترا بكفره كالزنادقة ، فمذهب  الشافعي   ، وعامة أصحابنا وجوب الإعادة على من ائتم به .  
وقال بعض أصحابنا : لا إعادة عليه لزوال العلم الدال على كفره ، وهذا غلط لما ذكرناه من بطلان إمامة الكافر بكل حال ، فلو ائتم بمن لا يعرف بالكفر ولا بالإسلام ، فصلاته جائزة ، لأن الظاهر من الدار إسلام أهلها إلا أن يخبره بكفره من يسكن إليه ، ويثق به فيعيد صلاته ، فلو ائتم بمرتد يظنه مسلما فعليه الإعادة ، فلو شك في إسلامه بعد تقدم ردته لم تسقط عنه الإعادة اعتبارا باليقين ، فلو ائتم برجل كانت له حالان : حال ردة وحال إسلام ، وأشكل عليه في أي الحالين أمه .  
قال  الشافعي      : " أحب أن يعيد " . ولا تجب عليه الإعادة ، لأن ثبوت الإسلام له في الحال يرفع حكم ردته ، ويدل في الظاهر على صحة إمامته ، ولو أن  كافرا أسلم ثم جحد إسلامه وقد ائتم به مسلمون      . فمن ائتم به منهم بعد إسلامه وقبل جحوده فصلاته جائزة : لأنه مسلم في الظاهر ، ومن ائتم به بعد جحوده فعليه الإعادة لأنه بالجحود مرتد .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					