مسألة : قال الشافعي ، رحمه الله تعالى : " ولا يؤخر الأولى عن وقتها إلا بنية الجمع وإن صلى الأولى في أول وقتها ولم ينو مع التسليم الجمع لم يكن له الجمع فإن نوى مع التسليم الجمع كان له الجمع . ( قال المزني ) : هذا عندي أولى من قوله في بين الظهر ، والعصر ، والمغرب ، والعشاء لا يجمع إلا من افتتح الأولى بنية الجمع " . الجمع في المطر في مسجد الجماعات
قال الماوردي : وهذا كما قال : إذا أراد المسافر فهو بالخيار إن شاء أخر الظهر إلى وقت العصر والمغرب إلى وقت العشاء ، وإن شاء قدم العصر إلى وقت الظهر ، والعشاء إلى وقت المغرب . الجمع بين الصلاتين
فإذا أراد تأخير الأولى منهما إلى وقت الثانية لم يجز له تأخيره إلا بنية الجمع ، لا يختلف فيه مذهبالشافعي ، وسائر أصحابه : لأن تأخير الصلاة عن وقتها قد يكون تارة معصية ، وهو أن يؤخرها عامدا لغير جمع ، وقد يكون تارة مباحا وهو أن يؤخرها للجمع [ ص: 395 ] وصورة التأخيرين سواء فلم يكن بد من نية الجمع مع التأخير ليميز بين تأخير المعصية ، وغير المعصية ، فإذا قدم الظهر فصلاها أولا ، ثم العصر بعدها ، ولم يتنفل بينهما بل يأتي بالعصر عقب الظهر من غير تطاول ، ولا فصل ، فإذا أتى بهذين الشرطين أعني نوى الجمع بتأخير الظهر إلى وقت العصر صح له الجمع وكان مؤديا لكلا الصلاتين ، لأن وقت الجمع وقت الصلاتين المجموعتين . تقديم الظهر وقرب الزمان
وإن أخل بأحد الشرطين وهو قرب الزمان فصلى الظهر أربعا ، ثم تنفل ، أو صبر زمنا طويلا ، ثم صلى العصر لم يكن جامعا بينهما ، وكان قاضيا للظهر مؤديا للعصر ، ولا يكون بذلك عاصيا : لأنه قد صلى العصر في وقتها ، والظهر قد كان له تأخيرها ، وإن كان إخلاله بالشرط الآخر : وهو أن فلا يكون جامعا بينهما في الحكم ، ويجزئه الصلاتين معا . يقدم العصر أولا ، ثم يصلي الظهر بعدها
ثم ينظر فإن لم يكن عاصيا ، وكان بمنزلة من نسي صلاة الظهر ، ثم ذكرها وقد دخل وقت العصر ، الأولى أن يقدم صلاة الظهر ، وجائز أن يقدم صلاة العصر ، وإن تطاول الزمان كأنه صلى الظهر عقيب العصر من غير تطاول فهذا عاص لتأخير الظهر بعد العصر إذا تطاول الزمان : لأن له تأخيرها إلى وقت العصر بنية الجمع ، ويجوز له تقديم العصر عليها إذا ترك الجمع ، ولا يجوز له تأخيرها بعد صلاة العصر ، فإن أخرها كان عاصيا ، وعلى هذا التفصيل يكون الجواب من إخلاله بالشرطين معا فهذا الكلام في تأخير الظهر إلى وقت العصر ، وكذلك المغرب إلى وقت العشاء الآخرة . صلى العصر ، ثم صبر زمانا طويلا ، ثم صلى الظهر