الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رحمه الله : " أو ماء زعفران أو عصفر " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : اعلم أن كل ما خالطه مذرور طاهر كالزعفران والعصفر والحناء ، أو خالط المائع طاهر كماء الورد والخل ، فإن لم يؤثر في تغير الماء جاز استعماله في الحدث والنجس إلا أن يكون المائع المخالط أكثر ، وإن غير أحد أوصاف الماء من لون أو طعم أو رائحة لم يجز استعماله في حدث ولا نجس ، وجوز أبو حنيفة استعماله في الأنجاس على أصله ، وفي الأحداث أيضا ما لم يحترز بالمذرور فيخرج عن طبعه في الجريان وما لم يكن المائع أكثر استدلالا بأن ما كان طاهرا إذا غلب على الماء لم يمنعه حكم التطهير ، [ ص: 47 ] كالتراب ، ولأن كل ما لم يسلبه التراب حكم التطهير لم يسلبه غيره من المذرورات حكم التطهير ، كما الذي لم يتغير بالمخالطة ، ولأن كل تغير لو كان لطول المكث لو يمنع من التطهير ، وجب إذا كان بالمخالطة أن لا يمنع من التطهير كالملوحة .

                                                                                                                                            ودليلنا هو أنه ما تغير بمخالطة ما يستغنى عنه فوجب أن يمنع من التطهير به كماء الباقلاء ولأنه ما تغير بمخالطة مأكول فوجب أن يمنع جواز التطهر به كالمرق ، ولأن المذرورات تنقسم ثلاثة أقسام : قسم موافق للماء في الطهارة والتطهير وهو التراب ، فإذا غلب على الماء لم يسلبه واحدة من صفتيه لا الطهارة ولا التطهير لموافقته لهما فيهما .

                                                                                                                                            وقسم مخالف للماء في الطهارة والتطهير وهو النجاسة فإذا غلب على الماء سلبه الوصفين معا الطهارة والتطهر ، لمخالفته له فيهما جميعا .

                                                                                                                                            وقسم موافق الماء في الطهارة دون التطهير وهو الزعفران وما شاكله ، فإذا غلب على الماء وجب أن يسلبه الصفة التي يخالفه فيها وهو التطهير دون الصفة التي وافقه فيها وهو الطهارة ، وهذا الاستدلال يمنع من جمعهم بين التراب وسائر المذرورات ، وأما قياسهم على ما لم يتغير ، فالمعنى فيه فقد الغلبة بعدم التأثير .

                                                                                                                                            وأما قياسهم على الملوحة فغير مسلم ، وسنذكر المذهب فيما تغير بالملح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية