الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ومن جاء والإمام يخطب جلس حتى يفرغ فإذا فرغ قضى مكانه أو في بيته . ( قال ) : وإذا كان العيد أضحى علمهم الإمام كيف ينحرون وأن على من نحر من قبل أن يجب وقت نحر الإمام أن يعيد ويخبرهم بما يجوز من الأضاحي وما لا يجوز ، ويسن ما يجوز من الإبل والبقر والغنم وأنهم يضحون يوم النحر وأيام التشريق كلها . ( قال ) : وكذلك قال الحسن وعطاء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وصورة هذه المسألة في رجل توجه لصلاة العيد فأدرك الإمام في الخطبة بعد فراغه من الصلاة ، فلا تخلو حال الإمام من أحد أمرين ، إما أن يكون في المسجد أو في المصلى ، فإن كان في المسجد فينبغي له أن يستمع الخطبة ، ولا يصلي حتى إذا فرغ الإمام من خطبته صلى حينئذ إن شاء في موضعه بالمصلى ، وإن شاء في منزله ، لأن وقتها باق إلى زوال الشمس ، وليس بعض المواضع أحق بها في الانفراد من بعض ، فإن خاف فوات الوقت صلى وإن كان الإمام في الخطبة ، لأنه لا يجوز تأخيرها عن وقتها مع إمكان أدائها وتعذر قضائها بعد الوقت في أحد القولين ، وإن كان الإمام في المسجد فينبغي له أن يشتغل بالصلاة ، حتى إذا فرغ منها استمع باقي الخطبة .

                                                                                                                                            والفرق بينهما أن الداخل إلى المسجد مأمور بالصلاة فيه تحية له وكذلك أمر الداخل يوم الجمعة ، والإمام يخطب بالركوع قبل الاستماع تحية له ، وليس كذلك المصلي ، فإذا ثبت أنه يصلي وإن كان الإمام يخطب فقد اختلف أصحابنا هل يصلي صلاة العيد أو تحية [ ص: 498 ] المسجد ؟ فقال أبو إسحاق المروزي : يصلي صلاة العيد بتكبير زائد وينوب عن تحية المسجد ، كمن دخل المسجد فأدرك الإمام في صلاة فريضة ، فإنه يصلي معه ، وينوب عن تحية المسجد .

                                                                                                                                            وقال أبو علي بن أبي هريرة : يصلي تحية المسجد ثم يجلس لسماع الخطبة ، حتى إذا فرغ الإمام صلى العيد ؛ لأن المأموم تبع لإمامه في الصلاة ، فلم يجز أن يقضي ما فاته من الصلاة إلا بعد اتباعه فيما بقي من الخطبة ، كما لو أدركه في صلاة فريضة . والأول أصح .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية