مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " والفرق بين أن يستطيب بيمينه فيجزئ وبالعظم فلا يجزئ أن اليمين أداة والنهي عنها أدب والاستطابة طهارة والعظم ليس بطاهر " .
قال الماوردي : وهذا صحيح ، والمقصود به بيان الفرق بين حيث ورد النهي عنهما ثم جاز باليمين مع ورود النهي ولم يجز بالعظم لأجل النهي ، والفرق بينهما من وجهين يدخل فرق الاستنجاء باليمين وبالعظم الشافعي فيهما :
أحدهما : أن النهي عن اليمين لمعنى في الفاعل فلم يقتض النهي فساد المنهي عنه [ ص: 171 ] كنهيه عن الصلاة في دار مغصوبة وأن يبيع حاضر لباد ، والنهي عن العظم لمعنى في الفعل فاقتضى النهي فساد المنهي عنه كنهيه عن الصلاة بالنجاسة وعن بيع الغرر .
والفرق الثاني : أن اليمين وإن جاء النهي عن الاستنجاء بها فإن الإزالة تكون بغيرها فلم تكن مخالفته مؤثرة في الحكم ، والعظم يقع به الإزالة فاختص النهي عنه بإبطال الحكم المعلق به فإن قيل : فلم قالالشافعي في تعليل المنع من الاستنجاء بالعظم و " العظم ليس بطاهر " ؟ .
وليست العلة في المنع كونه غير طاهر لأنه وإن كان طاهرا لا يجوز الاستنجاء به ، قيل عنه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن هذه كلمة ذكرها المزني والذي قاله الشافعي في الأم " والعظم ليس بنظيف " أي فيه سهوكة ولزوجة تمنع من التنظيف وهذا جواب أبي إسحاق المروزي .
والثاني : أن النقل صحيح وأن قوله ليس بطاهر أي ليس بمطهر وهو جواب ذكره أبو علي بن أبي هريرة .
والثالث : أنه ذكر إحدى العلتين في العظم النجس وهو كونه نجسا وكونه مطعوما ، وللعظم الطاهر علة واحدة وهو كونه مطعوما فذكر إحدى علتي العظم النجس دون الطاهر وهذا جواب ذكره أبو حامد .