، ويشترط خلوها من موانع النكاح . والكلام في الموانع مبسوط في مواضعها ، لا سيما باب الموانع ، فيقتصر هنا على عد تراجمها . فمن الموانع أن تكون منكوحة أو معتدة عن غيره ، أو مطلقته بالثلاث ما لم تحلل ، أو ملاعنته ، أو مرتدة ، أو مجوسية ، أو وثنية ، أو زنديقة ، أو كتابية دخلت في دينهم بعد مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو بعد تبديلهم على الأظهر ، أو تكون أمة والناكح حر واجد طول حرة ، أو غير خائف عنتا ، أو يكون بعضها أو كلها ملكا للناكح ، أو تكون محرما له ، أو خامسة ، أو يكون في نكاحه أختها وغيرها ممن لا يجمع بينها وبينها ، أو تكون محرمة بحج أو عمرة ، أو ثيبا صغيرة ، أو تكون يتيمة لا جد لها . الركن الثاني : المنكوحة
فصل
أن يكون معينا . فلو قال : زوجتك إحدى بنتي ، أو زوجت بنتي أحدكما ، أو أحد ابنيك ، لم يصح . ولو كان له بنت واحدة فقال : زوجتك بنتي ، صح وإن لم يسمها . ولو كانت حاضرة فقال : زوجتك هذه ، أو كانت في الدار فقال : زوجتك التي في الدار ، وليس فيها غيرها ، صح . يشترط في كل واحد من الزوجين
ولو كان له بنت واحدة ، فقال : زوجتك بنتي فلانة ، وسماها بغير اسمها ، صح النكاح على الأصح ، لأن البنتية صفة لازمة مميزة ، فاعتبرت ولغا الاسم ، كما لو أشار إليها وسماها بغير اسمها ، فإنه يصح قطعا . وقد يمنع هذه الصورة القائل الآخر ، والأصح [ ص: 44 ] الصحة فيهما ، حتى لو قال : زوجتك هذا الغلام ، وأشار إلى بنته ، نقل الروياني عن الأصحاب صحة النكاح ، تعويلا على الإشارة . ولو قال : بعتك داري هذه ، وحددها وغلط في حدودها ، صح البيع ، بخلاف ما لو قال : بعتك الدار التي في المحلة الفلانية ، وحددها وغلط ، لأن التعويل هنا على الإشارة . ولو قال : بعتك داري ، ولم يقل : هذه ، وحددها وغلط ، ولم يكن له دار سواها ، وجب أن يصح تفريعا على الأصح في قوله : زوجتك بنتي فلانة وغلط في اسمها .
وأما إذا كان اسم بنته ( الواحدة ) فاطمة ، فقال : زوجتك فاطمة ، ولم يقل : بنتي ، فلا يصح النكاح لكثرة الفواطم ، لكن ( لو ) نواها ، صح . كذا قال به العراقيون والبغوي ، واعترض ابن الصباغ بأن الشهادة شرط ، والشهود لا يطلعون على النية ، وهذا قوي ، ولهذا الأصل منعنا النكاح بالكنايات .
، كقوله : ولو كان له بنتان فصاعدا ، اشترط تمييز المنكوحة باسم أو إشارة أو صفة فاطمة ، أو هذه ، أو الكبرى . قال المكتفون بالنية : أو بأن ينويا واحدة بعينها وإن لم يجر لفظ مميز .
ولو قال : بنتي الكبرى وسماها باسم الصغرى ، صح النكاح على الكبرى على الوصف . ويجيء على قياس الوجه المذكور في الواحدة أن يبطل النكاح .
وإذا لم يتعرض للكبر والصغر ، بل قال : زوجتك بنتي فلانة ، وذكر اسم الكبيرة وقصد تزويجه الصغيرة ، أو بالعكس ، وقصد الزوج التي قصدها الولي ، صح النكاح على التي قصداها ، ولغت التسمية . وفي الاعتماد على النية الإشكال السابق . ولو قال الزوج : قصدنا الكبيرة ، فالنكاح في الظاهر منعقد على الكبيرة .
وإن صدق الولي [ ص: 45 ] في أنه قصد الصغيرة ، لم يصح ، لأنه قبل غير ما أوجب ، هكذا ذكره العراقيون والبغوي المعتبرون للنية ، وهذا يخالف مسألة منقولة ، وهي أن زيدا خطب إلى قوم ، وعمرا إلى آخرين ، ثم جاء زيد إلى الآخرين ، وعمرو إلى الأولين ، وزوج كل فريق من جاءه ، قال : وقعت في أيام ابن القطان أبي السائب ببغداد ، فأفتى الفقهاء بصحة النكاحين ، ومعلوم أن كل ولي أوجب لغير من قبل .
قلت : ليست هذه المسألة مثلها ، والفرق أظهر من أن يذكر .
ومن فروع المسألة ، زوج رجل رجلا إحدى بنتيه ، فمات الأب ، وادعت كل واحدة عليه أنها زوجته ، أو ادعى هو على إحداهما ، وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في الباب الثاني عشر . - والله أعلم - .