فصل
أما المهر ، ، فسبق بيانه عند ذكر الخلاف في صحة أنكحتهم . فلو قالت : سبقتني بالإسلام قبل الدخول ، فعليك نصف المهر ، فادعى العكس ، صدقت بيمينها ; لأن الأصل بقاء نصف الصداق . ولو ادعى سبقها ، فقالت : لا أدري أينا سبق ، لم يتمكن من طلب المهر . فإن عادت وقالت : علمت أنه سبق ، صدقت بيمينها وأخذت النصف . ولو اعترفا بالجهل بالسابق ، فلا نكاح ، لاتفاقهما على تعاقب الإسلام قبل الدخول . ثم إن كان ذلك قبل قبض المهر ، لم تتمكن من طلبه ، لاحتمال سبقها ، وإن كان بعده ، لم يتمكن هو من استرداد النصف ، لاحتمال سبقه فيقر النصف في يدها ، حتى يتبين الحال . ولو اختلفا في بقاء النكاح ، فقال : أسلمنا معا ، فالنكاح باق ، وقالت : بل متعاقبين ولا نكاح ، فقولان . أظهرهما : القول قوله ، والثاني : قولها ، لتعارض الأصل والظاهر . فإن [ ص: 174 ] قلنا : القول قولها ، نظر ، إن قالت : أسلمت قبلي ، حلفت على البت أنها ما أسلمت وقت إسلامه ، وإن قالت : أسلمت قبلك ، حلفت على نفي العلم بإسلامه يوم إسلامها . إذا أسلم أحدهما قبل الدخول أو بعده
ولو اختلفا على العكس ، فقالت : أسلمنا معا ، فقال : بل متعاقبين ، فلا نكاح ، لاعترافه ، وهي تدعي نصف المهر . وفي المصدق منهما القولان . ولو قال : لا ندري أسلمنا معا أو متعاقبين ، استمر النكاح .
فرع
أسلمت بعد الدخول ، ثم أسلم هو وادعى أن إسلامه سبق انقضاء العدة ، وادعت العكس ، فهذا يتصور على أوجه .
أحدها : أن يتفقا على وقت انقضاء العدة ، كغرة رمضان ، فادعى إسلامه في شعبان ، وقالت : بل في خامس رمضان ، فالقول قولها ; لأن الأصل بقاء كفره .
والثاني : أن يتفقا على وقت إسلامه ، كغرة رمضان ، وقال : انقضت عدتك في خامس رمضان ، وقالت : بل في شعبان ، فالقول قوله بيمينه .
الثالث : أن لا يتفقا على شيء ، واقتصر على أن إسلامي سبق ، واقتصرت على أن عدتي سبقت ، فالنص أن القول قوله ، ونص فيما إذا ارتد ، ثم أسلم ، وادعى أنه أسلم في العدة ، وادعت انقضاءها قبل إسلامه ، وفيما إذا قال : راجعتك في العدة ، فقالت : بل بعدها ، أن القول قولها . وللأصحاب طرق .
أحدها : طرد قولين في المسائل الثلاث ، هل القول قوله ، أم قولها ؟ والثاني : أن النصين على حالين . فإن اتفقا على وقت إسلامه أو رجعته ، واختلفا في انقضاء العدة ، فالقول قوله . وإن اتفقا على وقت انقضاء العدة ، واختلفا في أنه أسلم أو راجع قبله ، فالقول قولها . والطريق الثالث وهو الأصح وبه قال ابن سريج وأبو إسحاق ، ورجحه [ ص: 175 ] الشيخ أبو حامد والبغوي وغيرهما : أن من سبق بالدعوى ، فالقول قوله ، وعليه ينزل النص في المسائل الثلاث ; لأن المدعي أولا مقبول ، فلا يرد بمجرد قول آخر . وزاد البغوي فيما إذا سبق دعواه فقال : إن ادعت بعد أن مضى بعد دعواه زمن ، فهو المصدق . فإن اتصل كلامها بكلامه ، فهي المصدقة .
فرع
نص ، رضي الله عنه ، أن الزوج لو أقام شاهدين على أنهما جميعا أسلما حين طلعت الشمس يوم كذا ، أو حين غربت ، قبلت شهادتهما واستمر النكاح . وإن شهدا أنهما أسلما مع طلوع الشمس ، أو مع غروبها ، لم يحكم بهذه الشهادة ; لأن حين طلوعها وغروبها يتناول حالة تمام الطلوع أو الغروب ، وهي حالة واحدة . وقوله : مع الطلوع يصدق من حين يأخذ في الطلوع ، فيجوز أن يكون إسلام أحدهما مقارنا لطلوع أول القرص ، وإسلام الآخر مقارنا بطلوع آخره . الشافعي
فرع
، فإن ترتب النكاحان ، فهي زوجة الأول ، فإن مات الأول ثم أسلمت مع الثاني وهم يعتقدون جواز التزويج بزوجين ، ففي جواز التقرير وجهان . نكحت في الكفر زوجين ، ثم أسلموا
قلت : ينبغي أن يكون أصحهما التقرير . والله أعلم .
وإن وقع النكاحان معا ، لم تقر مع واحد منهما ، سواء اعتقدوا جوازه ، أم لا . وفيما إذا اعتقدوه وجه : أن المرأة تختار أحدهما ، كما لو أسلم على أختين ، وبالله التوفيق .