ثم في الفصل مسائل .
إحداها : في قولان كما سبق في العيب ، وأما قيمة الأولاد ، فيرجع بها على الغار على المذهب . وقيل : فيه القولان . وإذا قلنا بالرجوع ، فإنما يرجع إذا غرم كالضامن . فقد سبق في الضامن وجه ضعيف أنه يرجع قبل غرمه ، فيجيء مثله هنا . والصحيح ، المنع . فعلى هذا لو كان المغرور عبدا وعلقنا القيمة بذمته ، فإنما يرجع على الغار بعد عتقه ; لأنه حينئذ يغرم . أما إذا علقناها بكسبه أو برقبته ، وغرم سيده من كسبه ، أو من رقبته ، فيرجع في الحال ، وللمغرور مطالبة الغار بتحصيله ، كما ذكرنا في " باب الضمان " . الرجوع بالمهر المغروم على الغار
المسألة الثانية : إذا كان المغرور عبدا وقد دخل بالمنكوحة ، فحيث يجب المسمى يتعلق كسبه ، وحيث يجب مهر المثل ، فهل يتعلق بذمته ، أم برقبته ، أم بكسبه ؟ فيه ثلاثة أقوال . أظهرها : الأول .
المسألة الثالثة : لا يتصور الغرور بحرية الأمة من السيد ; لأنه متى قال : زوجتك هذه الحرة ، أو على أنها حرة ، عتقت . وإنما يتصور من وكيل السيد في تزويجها ، أو منها ، أو منهما ، ولا اعتبار بقول من ليس بعاقد ولا معقود عليه ، فإن كان الغرور من الوكيل ، رجع المغرور عليه بالقيمة إذا غرمها ، وبالمهر إن أثبتنا الرجوع به . وإن كان الغرور من الأمة المنكوحة ، كان الرجوع عليها ، [ ص: 189 ] لكن لا يرجع في الحال ، بل يتعلق الغرم بذمتها ، تطالب به إذا عتقت ، ولا يتعلق بكسبها قطعا ولا برقبتها على الصحيح ، وسواء كان الرجوع عليها أو على الوكيل ، يرجع بكل المهر ; لأن المهر للسيد وقد أخذه . وإن كان الغرور منها ومن الوكيل ، فالرجوع عليهما .
وفي كيفيته وجهان . أصحهما : يرجع بالنصف على الوكيل في الحال ، وبالنصف عليها إذا عتقت . والثاني : أنه له أن يرجع بالجميع على من شاء منهما ، على الوكيل في الحال وعليها بعد العتق ، فإن رجع - هكذا قال البغوي - : يرجع المأخوذ منه بالنصف على الآخر . وقال الحناطي وغيره : لا يرجع واحد منهما على الآخر ; لأن التغرير كامل من كل واحد منهما . ولو ذكرت للوكيل حريتها ، ثم ذكرها الوكيل للزوج ، رجع المغرور على الوكيل والوكيل عليها بعد العتق . وإن ذكرت للوكيل ثم ذكرت للزوج ، فالرجوع عليها وإن ذكر الوكيل للزوج أيضا ; لأنها لما شافهت الزوج خرج الوكيل من الوسط ، هكذا ذكره البغوي . وعلى هذا ، فصورة تغريرهما أن يذكرا معا .
المسألة الرابعة : لو خرجت التي غر بحريتها مدبرة أو مكاتبة ، أو أم ولد أو معلقة بصفة ، فالكلام في صحة النكاح ، ثم في إثبات الخيار كما سبق ، إذا كانت قنة ، لكن إذا خرجت مكاتبة وفسخ النكاح ، فلا مهر لها إذا كان الغرور منها ; لأن المهر للمكاتبة فلا معنى للغرم لها والاسترداد منها . وهل يجب أقل ما يجوز أن يكون مهرا ؟ فيه الخلاف السابق في العيب . والأولاد الحاصلون قبل علمه بالحال أحرار ، وعلى المغرور قيمتهم . ولمن تكون القيمة ؟ يبنى على أن ولد المكاتبة قن للسيد أم مكاتب كالأم ؟ وفيه قولان . وإذا قلنا : إنه مكاتب فقتله قاتل ، فهل قيمته للسيد أم للمكاتبة تستعين به في الأداء ؟ فيه قولان فإذا قلنا : الولد للسيد ، أو قلنا : هو مكاتب ، وإذا قتل ، فالقيمة للسيد ، غرم المغرور قيمة الأولاد [ ص: 190 ] للسيد ، ويرجع بها على الوكيل ، وعليها إن غرت ، ويأخذ من كسبها . فإن لم يكن كسب ، ففي ذمتها إلى أن تعتق . وإن قلنا : إن القيمة لها ، فإن كان الغرور منها ، لم يغرم القيمة لها كالمهر ، وإن كان من الوكيل ، غرم لها ورجع على الوكيل .
فرع
إذا حكمنا ببطلان النكاح بخلف الشرط ، فالرجوع بمهر المثل إذا غرمه الزوج بالوطء والرجوع بقيمة الأولاد إذا غرمها على ما ذكرناه تفريعا على صحة النكاح .
فرع
ما ذكرناه من وجوب قيمة الولد ، هو فيما إذا انفصل الجنين حيا . فلو انفصل ميتا ، نظر إن انفصل بغير جناية ، فلا شيء عليه ، ويجيء فيه وجه سبق نظيره في وطء الغاصب جاهلا بالتحريم .