السبب الثالث : ، فإذا عتقت أمة تحت حر ، فلا خيار لها ، وإن عتقت تحت عبد ، فلها الخيار إن عتقت كلها ، فإن أعتق بعضها ، فلا خيار . وقال العتق المزني : لها الخيار . ولو دبرت أو كوتبت أو علق عتقها بصفة ، فلا خيار . ولو عتقت تحت مكاتب أو مدبر أو من بعضه رقيق ، فلها الخيار . ولو عتق الزوج وتحته أمة ، فلا خيار له على الصحيح أو المشهور . ولو عتقا معا ، فلا خيار ، ويثبت خيار العتق للصبية والمجنونة عند البلوغ والإفاقة ، ولا يقوم الولي مقامهما في الفسخ والإجازة . ولو عتق الزوج قبل أن تفسخ العتيقة ، بطل خيارها على الأظهر المنصوص في المختصر .
فروع
الفرع الأول : ، فلها الفسخ ليقطع سلطنة الرجعة . طلقها رجعيا فعتقت في العدة
[ ص: 193 ] وقيل : الفسخ موقوف ، إن راجعها ، نفذ ، وإلا فلا . والصحيح الأول . وإذا فسخت هل تستأنف عدة ، أم تكفي بقية العدة ؟ قولان كما لو طلق الرجعية . وإذا قلنا بالبناء ، فتكمل عدة حر أو أمة ؟ فيه خلاف موضعه " كتاب العدد " . ولو أخرت الفسخ ، فلها ذلك ، ولا يبطل لها . ولو أجازت ، لم تنفذ الإجازة ; لأنها محرمة جارية إلى بينونة ، فالإجازة لا تلائم حالها . قال الإمام : ولم يخرجوه على وقف العقود ; لأن شرط الوقف أن يكون مورد العقد [ قابلا لمقصود العقد ] وحكي عن الشيخ أبي محمد حكاية وجه في نفوذ إجازتها . ونقل عن بعضهم تخريجا على وقف العقود ، فإن راجعها ، نفذت ، وإلا فلا . ولو ثبت لها خيار العتق ، فطلقها قبل أن تفسخ ، فإن كان طلاقا رجعيا ، بقي حقها في الفسخ والحكم كما لو أعتقت في العدة . وإن كان بائنا ، فقولان . أحدهما : أن الطلاق موقوف ، وإن فسخت ، بان أنه لم يقع ، وإلا بان وقوعه وهذا نصه في " الأم " . وأظهرهما يقع وهو نصه في " الإملاء " لمصادفته النكاح ، ويبطل الخيار ، ومنهم من أنكر القول الأول . ولو طلق الزوج المعيب قبل فسخها ، ففي وقوع الطلاق ووقفه هذا الخلاف . الغزالي
الفرع الثاني : إذا ، فلا مهر ، وليس للسيد منعها من الفسخ . وإن فسخت بعد الدخول ، نظر ، إن تقدم الدخول على العتق ، وجب المسمى ، وإن تأخر عنه وكانت جاهلة بالحال ، وجب مهر المثل على المذهب . وقيل : المسمى ، وقيل : خلاف فيهما . وأيهما أوجبناه ، فهو للسيد ، وكذا لو اختارت المقام معه ، وجرى في العقد تسمية صحيحة أو فاسدة ، فالمهر للسيد ; لأنه وجب بالعقد . فسخت العتيقة قبل الدخول
[ ص: 194 ] وإن زوجها مفوضة ، فإن دخل بها الزوج أو فرض لها قبل العتق فهو للسيد أيضا . وإن عتقت ثم دخل بها ، أو فرض لها ، فهل المهر للسيد أم لها ؟ قولان بناء على أن مهر المفوضة يجب بالعقد أم بالفرض أو الدخول .
الفرع الثالث : على الأظهر ، وفي قول : يمتد ثلاثة أيام ، وفي قول : إلى أن يصرح بإسقاطه ، أو تمكن من الوطء طائعة . وفي وجه : تتقدر بالمجلس . فإن قلنا بالفور ، فهو كما ذكرنا في الرد بالعيب في البيع وفي الشفعة . قال الإمام تفريعا على القول الثاني : ابتداء الأيام الثلاثة من وقت تخييرها ، وذلك إذا علمت بالعتق وثبوت الخيار ، ولا يحسب من وقت العتق . وذكر تفريعا على القول الثالث ، أنها لو مكنت ولم يصبها الزوج ، لم يبطل حقها ; لأن التمكين من الوطء لا يتحقق إلا عند حصول الوطء ، وأنه لو أصابها الزوج قهرا ، ففي سقوط الخيار تردد لتمكنها من الفسخ عند الوطء ، فإن كان قبض على فمها ، بقي حقها قطعا . وعلى هذا القول لو قال : أصبتها فأنكرت ، فأيهما يصدق ؟ وجهان حكاهما خيار العتق على الفور ; لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الإصابة . وإذا اعتبرنا الفور ، فتمكنت ولم تفسخ ، أو مضت الأيام الثلاثة ، أو مكنت من الوطء ، إذا اعتبرنا ذلك ، ثم ادعت الجهل بالعتق ، صدقت بيمينها إن لم يكذبها ظاهر الحال . فإن كذبها ، بأن كانت معه في بيته ويبعد خفاء العتق عليها ، فالمصدق الزوج ، هذا هو المذهب . وقيل : في المصدق قولان مطلقا . فإن ادعت الجهل بأن العتق يثبت الخيار ، صدقت على الأظهر . ولو ادعت الجهل بأن الخيار على الفور ، قال ابن كج : لا تعذر ، ولم أر المسألة لغيره من الأصحاب ، ولكن ذكرها الغزالي العبادي في " الرقم " .
[ ص: 195 ] وقال : إن كانت قديمة العهد بالإسلام وخالطت أهله ، لم تعذر ، وإن كانت حديثة العهد به أو لم تخالط أهله ، فقولان .
فرع
هذا الفسخ لا يحتاج إلى مراجعة الحاكم ، ولا إلى المرافعة إليه ; لأنه ثابت بالنص والإجماع ، كالرد بالعيب والشفعة .
قلت : وللزوج وطء العتيقة ما لم تفسخ ، وكذا لزوج الصغيرة والمجنونة ، العتيقين وطؤهما ما لم تفسخا بعد البلوغ والإفاقة . والله أعلم .