الطرف الثاني : في ، نكاحه جارية الابن ، رضي الله عنه ، في جوازه نصان . قيل : هما قولان بناء على وجوب الإعفاف ، إن لم نوجبه ، جاز ، وإلا فلا . وقطع الجمهور بأنه لا يجوز قطعا . قالوا : ونقل الجواز غلط ، إنما قال [ ص: 213 ] للشافعي : يجوز أن يتزوج جارية أبيه ، فصحف الشافعي المزني ، ومنهم من تأوله ، على ما إذا كان الابن معسرا لا يجد مئونة الإعفاف وكانت له جارية يحتاج إلى خدمتها ، فيجوز أن يتزوجها الأب ، أو كان الأب مع إعساره صحيح البدن ، فإنا لا نوجب نفقته وإعفافه على قول ، فيجوز أن يتزوجها . والصحيح في هاتين الصورتين ، أنه يبنى جواز نكاحه جارية الابن ، على أنه لو أولد جارية ابنه ، هل تصير مستولدة له ؟ إن قلنا : لا ، جاز ، وإلا فلا . وكذا الحكم إذا قلنا : لا يجب الإعفاف ، هذا كله إذا كان الأب حرا . فلو كان رقيقا ، فله نكاح جارية ابنه ; لأنه لا تجب نفقته ، ولا إعفافه . وإذا استولد الرقيق جارية ابنه ، لم تصر أم ولد له كما سبق .
ولو نكح الأب جارية أجنبي ، فملكها الابن ، وكان الأب بحيث لا يجوز له نكاح الأمة ، لم ينفسخ نكاحه على الأصح . ويجري الوجهان فيما لو نكح جارية ابنه ثم عتق ، هل ينفسخ ؟ إن قلنا : لا ينفسخ ، أو جوزنا نكاح جارية ابنه ابتداء فأولدها ، فقال الشيخ أبو حامد والعراقيون ، والشيخ أبو علي والبغوي وغيرهم : لا تصير أم ولد له ; لأنه رضي برق ولده [ حين ] نكحها ، ولأن النكاح حاصل محقق ، فيكون واطئا بالنكاح لا بشبهة الملك ، بخلاف ما إذا لم يكن نكاح . وقال الشيخ أبو محمد ، ومال إليه الإمام : يثبت الاستيلاد وينفسخ النكاح .
فرع
لا يجوز للسيد نكاح جارية مكاتبه لشبهته [ فيها ] . ولو أولد أمة مكاتبه ، [ ص: 214 ] صارت أم ولد للسيد . ولو نكح أمة فملكها مكاتبه ، انفسخ نكاحه على الأصح ; لأن تعلق السيد بملك المكاتب أشد من تعلق الأب .
قلت : ويجوز نكاح جارية ابنه من الرضاع ، ونكاح جارية أبيه وأمه قطعا ، لعدم وجوب الإعفاف . والله أعلم .