[ ص: 293 ] القسم الثاني : زيادة محضة وهي صنفان ، منفصلة ومتصلة . أما المنفصلة ، كاللبن ، والولد ، والكسب ، فيسلم للمرأة - سواء حصلت في يدها أو في يد الزوج ، ويختص الرجوع بنصف الأصل . ثم في " الشامل " و " التتمة " : إن قولنا : يرجع بنصف الأصل ويبقى الولد لها ، مفروض في غير الجواري ، وليس له الرجوع في نصف الجارية ; لأنه يتضمن التفريق بين الأم والولد ، بل يرجع إلى القيمة . فإن وافقته الزوجة ورضيت برجوعه إلى نصف الأم ، فهو كالتفريق بين الأم والولد بالبيع .
الصنف الثاني : الزيادة المتصلة ، كالسمن ، وتعلم صنعة ، فلا يستقل الزوج بالرجوع إلى عين النصف ، بل يخير الزوجة . فإن أبت ، رجع إلى نصف القيمة بغير تلك الزيادة . وإن سمحت ، أجبر على القبول ولم يكن له طلب القيمة . وحكى الحناطي وجها ، أنه لا يجبر للمنة ، والصحيح الأول . قال الأصحاب : لا تمنع الزيادة المتصلة الاستقلال بالرجوع إلا في هذا الموضع . فأما في سائر الأصول ، كالمبيع في يد المفلس ، والموهوب في يد الولد ، والمردود بالعيب في البيع ، فلا تمنع الزيادة المتصلة الرجوع ، بل يستقلون بالرجوع معها ، وفرقوا بأن الرجوع في هذه الصور بالفسخ ، وهو رفع العقد من أصله أو حينه . فإن رفع من أصله ، فكأنه لا عقد . وإن رفع من حينه ، فالفسخ مشبه بالعقد ، والزيادة تتبع الأصل في العقد ، فكذا في الفسخ ، وعود الشطر بالطلاق ليس فسخا ، ولهذا لو سلم العبد الصداق من كسبه ثم عتق وطلق ، عاد النصف إليه لا إلى السيد ، وإنما هو ابتداء ملك يثبت فيما فرض صداقا . وفرق أبو إسحاق [ ص: 294 ] بين الصداق وصورة الإفلاس ، بأن غريم المفلس لو منعناه الرجوع إلى العين ، لم يتم له الثمن لمزاحمة الغرماء ، وهنا إذا لم تسلم العين ، سلمت القيمة بتمامها ، فلا ضرر ، حتى لو كانت محجورا عليها بفلس عند الطلاق ولو ترك العين لاحتاج إلى المضاربة ، قال : يرجع إلى العين بزيادتها بغير رضاها . وعول الأكثرون على الفرق الأول ، ومنعوا استقلاله بالرجوع وإن كانت محجورا عليها ، واعتبروا في الرجوع حينئذ رضاها ورضى الغرماء . وحكى الإمام وجها أن كونها محجورا عليها ، يمنع الرجوع وإن لم تكن زيادة ، لتعلق حق الغرماء قبل ثبوت الرجوع ، والزوائد المنفصلة والمتصلة فيما سوى الطلاق من الأسباب المشطرة كهي في الطلاق .
وأما ، فينظر فيه ، إن كان سببه عارضا كالرضاع وردتها ، فكذلك الحكم . وفي ردتها وجه أن الزوج يستقل بالرجوع في الزوائد المتصلة . وإن كان السبب مقارنا كالفسخ بعيبه أو عيبها ، فالذي قطع به الجمهور أنه يعود بزيادته إلى الزوج ، ولا حاجة إلى رضاها كفسخ البيع بالعيب . وقال ما يوجب عود جميع الصداق إلى الزوج المتولي : إن قلنا في الفسخ بعد الدخول : يبقى المسمى لها ، فهو كما لو كان السبب عارضا . وإن قلنا : يوجب مهر المثل ، فهل يستند الفسخ إلى أصل العقد ويرفع أصله ، أم لا ؟ فيه خلاف . إن قلنا : لا ، فالحكم كما سبق ، وإن قلنا : نعم ، عاد الصداق إليه بزوائده المتصلة والمنفصلة .
[ ص: 295 ] فرع
إذا ، رجع بنصف قيمة الجملة بغير زيادة ولا نقص ، ولا يقال : يرجع بقيمة النصف . ووقع في كلام امتنع الرجوع إلى نصف عين الصداق بقيمة النصف ، وهو تساهل في العبارة ، والصواب ما ذكرنا ; لأن التشقيص عيب . الغزالي